للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصحابه أن يقبض على سيكرى ويطلب من المقتدر ولاية فارس مكانه فوافقهم طاهر ودسّ إليه، فلحق بشيراز وعاد مؤنس إلى بغداد بالليث أسيرا، والحسين بن حمدان إلى عمله بقمّ. ثم إنّ عبد الرحمن بن جعفر كاتب سيكرى استولى على أمره، وحسده أصحابه وأكثروا السعاية فيه عند سيكرى فحبسه، واستكتب مكانه إسماعيل ابن إبراهيم اليمن [١] ، فحمله على العصيان ومنع الحمل ودسّ عبد الرحمن بن جعفر من محبسه إلى الوزير ابن الفرات بذلك، فكتب إلى مؤنس وهو بواسط يأمره بالعود إلى فارس، فسار وأرسله سيكرى وأنسه وسأل منه الوساطة في أمره، وشعر ابن الفرات بميل مؤنس إلى بغداد، وسار محمد بن جعفر فهزم سيكرى على شيراز فخلص إلى قمّ وتحصن بها، وحاصره محمد بن جعفر ثم خرج إليه فهزمه ثانية، ودخل مغارة خراسان فلقيته عساكر، إسماعيل إلى بغداد، فحبسا هنالك واستولى محمد بن جعفر من القوّاد على فارس وولّى عليها قبيجا [٢] خادم الأفشين، ثم صارت ولايتها لبدر ابن عبد الله الحمامي [٣] وفي آخر سنة تسع وتسعين ومائتين قبض حرمه وقامت الهيعة ببغداد ثلاثة أيام، ثم سكنت وذلك لثلاث سنين وثلاثة أشهر من وزارته. فاستوزر مكانه أبا عليّ محمد بن يحيى بن عبيد الله بن يحيى، فرتّب الأمور على الدواوين. ثم زاد قرفه لضيق صدره وطيشه وعدوله عن مذاهب الرئاسة إلى الوضاعة ومراجعة أصحاب الحاجات والحقوق إلى ما يريد قضاءه منها، وكثرة التولية والعزل وتبجّح أصحابه عليه في إطلاق الأموال وانبساط الجاه بإفساد الأحوال. واعتزم المقتدر على عزله بأبي الحسين بن أبي الفضل، فاستدعاه من أصبهان، ثم قبض عليه وعلى أبي الحسن ببغداد، وأهمل رأي الوزراء وصار يرجع إلى قول النساء والخدم، فطمع العمّال في الأطراف، ثم أخرج ابن الفرات من محبسه وجعله في بعض الحجر، وأحسن إليه وصار يعرض عليه مطالعات العمّال، وأراد أن يستوزره ثم بدا له واستدعى عليّ بن عيسى من مكّة فاستوزره لأوّل سنة إحدى وثلاثمائة، وقبض على الخاقاني وحبسه وعين حرسيا عليه. وقام علي بن عيسى بالوزارة وأصلح ما أفسده الخاقاني واستقامت الأمور.


[١] إسماعيل بن إبراهيم البمّيّ: ابن الأثير ج ٨ ص ٥٧.
[٢] قنبجا: ابن الأثير ج ٨ ص ٥٨.
[٣] بياض بالأصل وفي الطبري ج ١٢ ص ١٩: «وفيها خالف سيكرى والتوى بما عليه فندب لمحاربته وصيف كأمه غلام الموقف وشخص معه وجوه القواد وفيهم الحسين بن حمدان وبدر غلام النوشري وبدر الكبير المعروف بالحمامي فواقعوا سبكرى في باب شيراز وهزموه.»

<<  <  ج: ص:  >  >>