للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مقتل المقتدر وبيعة القاهر]

ولما ملك مؤنس الموصل أقام بها تسعة واجتمعت العساكر فانحدر إلى بغداد لقتال المقتدر، وبعث المقتدر الجنود مع أبي محمد بن ياقوت وسعيد بن حمدان، فرجع عنهم العسكر إلى بغداد ورجعوا وجاء مؤنس فنزل بباب الشمّاسيّة والقوّاد قبالته، وندب المقتدر ابن خاله هارون بن غريب إلى الخوارج لقتاله، فاعتذر ثم خرج، وطالبوا المقتدر بالمال لنفقات الجند فاعتذر وأراد أن ينحدر إلى واسط ويستدعي العساكر من البصرة والأهواز وفارس وكرمان، فردّه ابن ياقوت عن ذلك وأخرجه للحرب وبين يديه الفقهاء والقوّاد والمصاحف مشهورة وعليه البردة والناس يحدّقون به، فانهزم أصحابه ولقيه عليّ بن بليق من أصحاب مؤنس، فعظمه وأشار عليه بالرجوع ولحقه قوم من المغاربة والبربر فقتلوه وحملوا رأسه وتركوه بالعراء، فدفن هنالك. ويقال إنّ عليّ بن بليق أشار إليهم بقتله. ولما رأى مؤنس ذلك ندم وسقط في يده وقال: والله لنقتلنّ جميعا، وتقدّم إلى الشمّاسيّة وبعث من يحتاط على دار الخلافة وكان ذلك لخمس وعشرين سنة من خلافة المقتدر. فاتسع الخرق وطمع أهل القاصية في الاستبداد وكان مهملا لأمور خلافته محكّما للنساء والخدم في دولته مبذرا لأمواله. ولما قتل لحق ابنه عبد الواحد بالمدائن ومعه هارون بن غريب الحال ومحمد بن ياقوت وإبراهيم بن رائق. ثم اعتزم مؤنس على البيعة لولده أبي العبّاس وكان صغيرا، فعذله وزيره أبو يعقوب إسماعيل النويحي في ولاية صغير في حجر أمّه وأشار بأخيه أبي منصور محمد بن المعتضد، فأجاب مؤنس إلى ذلك على كره، وأحضر وبويع آخر شوّال من سنة عشرين، ولقّبوه القاهر باللَّه. واستحلفه مؤنس لنفسه ولحاجبه بليق وابنه عليّ، واستقدم أبا عليّ بن مقلة من فارس فاستوزره، واستحجب عليّ بن بليق. ثم قبض على أمّ المقتدر وضربها على الأموال فحلفت فأمرها بحل أوقافها فامتنعت، فأحضر هو القضاة وأشهد بحل أوقافها ووكّل في بيعها، فاشتراها الجند من أرزاقهم، وصادر جميع حاشية المقتدر، واشتدّ في البحث عن ولده وكبس عليهم المنازل إلى أن ظفر بأبي العبّاس الراضي وجماعة من إخوته وصادرهم وسلّمهم عليّ بن بليق إلى كاتبه الحسين بن هارون، فأحسن صحبتهم وقبض الوزير ابن مقلة على البريدي واخوته وأصحابه وصادرهم على جملة من المال.

<<  <  ج: ص:  >  >>