للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مسير الراضي وابن رائق لحرب ابن البريدي]

ثم اعتزم ابن رائق سنة خمس وعشرين على الراضي في المسير إلى واسط لطلب ابن البريديّ في المال ليكون أقرب لمناجزته، فانحدر في شهر محرّم وارتاب الحجريّة بفعله مع الساجيّة، فتخلفوا ثم تبعوه فاعترضهم وأسقط أكثرهم من الديوان، فاضطربوا وثاروا فقاتلهم وهزمهم وقتل منهم جماعة ولجأ فلّهم إلى بغداد، فأوقع بهم لؤلؤ صاحب الشرطة ونهبت دورهم وقطعت أرزاقهم وقبضت أملاكهم، وقتل ابن رائق من كان في حبسه من الساجيّة، وسار هو والراضي نحو الأهواز لإجلاء ابن البريديّ منها. وقدّم إليه في طلب الاستقامة وتوعّده فجدّد ضمان الأهواز بألف دينار في كل شهر، ويحمل في كل يوم قسطه [١] . وأجابه إلى تسليم الجيش لمن يسير إلى قتال ابن بويه لنفرتهم عن بغداد. وعرض ذلك على الراضي، فأشار الحسين بن عليّ القونجي وزير ابن رائق بأن لا تقبل لأنه خداع ومكر وأشار أبو بكر بن مقاتل بإجابته، وعقد الضمان على ابن البريدي، وعاد ابن رائق والراضي إلى بغداد فدخلاها أوّل صفر، ولم يف ابن البريدي بحمل المال، وأنفذ ابن رائق جعفر بن ورقاء ليسير بالجيش إلى فارس، ودسّ إليهم ابن البريدي أن يطلبوا منه المال ليتجهّزوا به، فاعتذر فشتموه وتهدّدوه بالقتل. وأتى ابن البريدي فأشار عليه بالنجاء. ثم سعى ابن مقاتل لابن البريدي في وزارة ابن رائق عوضا عن الحسين القونجي [٢] وبذل عنه ثلاثين ألف دينار، فاعتذر له بسوابق القونجي عنده وسعيه له، وكان مريضا فقال له ابن مقاتل: إنه هالك! فقال ابن رائق: قد أعلمني الطبيب أنه ناقة، فقال:

الطبيب يراجيك فيه لقربه منك، ولكن سل ابن أخيه عليّ بن حمدان. وكان القونجي قد استناب ابن أخيه في مرضه، فأشار عليه ابن مقاتل أن يعرف الأمير إذا سأله بمهلكه، وأشار عليه أن يستوزره. فلما سأله ابن رائق أيأسه منه فقال ابن رائق: عند ذلك لابن مقاتل: أكتب لابن البريدي يرسل من ينوب عنه في الوزارة، فبعث أحمد بن الكوفي واستولى مع ابن مقاتل على ابن رائق، وسعوا لابن البريدي أبي يوسف في ضمان البصرة. وكان عامل البصرة من قبل ابن رائق محمد بن


[١] وفي الكامل لابن الأثير ج ٨ ص ٣٣٠: « ... جدّد ضمان الأهواز كل سنة بثلاثمائة وستين ألف دينار يحمل كلّ شهر بقسطه.
[٢] الحسين بن علي النونجتي: المرجع السابق ص ٣٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>