للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان قبله كاتبا لابن حمدان، وكان يكتب للمستكفي قبل الخلافة. فلما نصّب للخلافة قدم من الموصل فاستكتبه المستكفي في هذه السنة على وزيره أبي الفرج لاثنتين وأربعين يوما من وزارته، وصادره على ثلاثمائة ألف درهم. ولما استولى معزّ الدولة ببغداد على الأمر وبعث أبو القاسم البريدي صاحب البصرة ضمن واسط وأعمالها وعقد له عليها.

[خلع المستكفي وبيعة المطيع]

وأقام المستكفي بعد استيلاء معزّ الدولة على الأمر أشهرا قلائل، ثم بلغ معزّ الدولة أنّ المستكفي يسعى في إقامة غيره، فتنكّر له، ثم أجلسه في يوم مشهود لحضور رسول من صاحب خراسان، وحضر هو في قومه وعشيرته، وأمر رجلين من نقباء الديلم جاءا ليقبّلا يد المستكفي، ثم جذباه عن سريره وساقاه ماشيا. وركب معزّ الدولة وجاء به إلى داره فاعتقله بها، واضطرب الناس وعظم النهب ونهب دار الخلافة، وقبض على أبي أحمد الشيرازي كاتب المستكفي، وكان ذلك في جمادى الآخرة لسنة وأربعة أشهر من خلافته. ثم بويع أبو القاسم الفضل بن المقتدر، وقد كان المستكفي طلبه حين ولي لاطلاعه على شأنه في طلب الخلافة، فلم يظفر به واختفى. فلما جاء معزّ الدولة تحوّل إلى داره واختفى عنده، فلما قبض على المستكفي بويع له ولقّب المطيع للَّه، ثم أحضر المستكفي عنده فأشهد على نفسه بالخلع، وسلّم عليه بالخلافة، ولم يبق للخليفة من الأمر شيء البتة منذ أيام معزّ الدولة. ونظر وزير الخليفة مقصور على أقطاعه ونفقات داره والوزارة منسوبة إلى معزّ الدولة وقومه من الديلم شيعة للعلويّة منذ إسلامهم على يد الأطروش، فلم يكونوا من شيعة العبّاسية في شيء ولقد يقال بأنّ معزّ الدولة اعتزم على نقل الخلافة منهم إلى العلويّة، فقال له بعض أصحابه.

لا تولّ أحدا يشركك قومك كلّهم في محبته والاشتمال عليه، وربما يصير لهم دونك، فأعرض عن ذلك وسلبهم الأمر والنهي، وتسلّم عمّاله وجنده من الديلم وغيرهم أعمال العراق وسائر أراضيه، وصار الخليفة إنما يتناول منه ما يقطعه معزّ الدولة ومن بعده فما يسدّ بعض حاجاته. نعم إنهم كانوا يفردونهم بالسرير والمنبر والسكّة والختم على الرسائل والصكوك والجلوس للوفد وإجلالهم في التحية والخطاب، وكل ذلك طوع القائم على الدولة، وكان يفرد في كل دولة بني بويه والسلجوقية بلقب السلطان

<<  <  ج: ص:  >  >>