للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بواسط يستعطفه به، فلم يلتفت إليه. وجزع صمصام الدولة واستشار أصحابه في طاعة أخيه شرف الدولة فخوّفوه عاقبته، وأشار بعضهم بالصعود إلى عكبرا ثم منها إلى الموصل وبلاد الجبل حتى يحدث من أمر الله في فتنة بين الأتراك والديلم أو غير ذلك ما يسهل العود، وأشار بعضهم بمكاتبة عمّه فخر الدولة والمسير على طريق أصبهان فيخالف شرف الدولة إلى فارس فربّما يقع الصلح على ذلك. فأعرض صمصام الدولة عن ذلك كله وركب البحر إلى أخيه شرف الدولة فتلقاه وأكرمه. ثم قبض عليه لأربع سنين من إمارته، وسار إلى بغداد في شهر رمضان من سنة ست وسبعين فوصلها وأخوه صمصام الدولة في اعتقاله. واستفحل ملكه واستطال الديلم على الأتراك بكثرتهم فإنّهم بلغوا خمسة عشر ألفا، والأتراك ثلاثة آلاف. ثم كثرت المنازعات بينهم وعضّ الديلم وقتلوا منهم وغنموا أموالهم وسار بعضهم فذهب في الأرض، ودخل الآخرون مع شرف الدولة إلى بغداد، وخرج الطائع لتلقّيه وهنّأه وأصلح شرف الدولة بين الفريقين، وبعث صمصام الدولة إلى فارس فاعتقل بها واستوزر شرف الدولة أبا منصور بن صالحان.

[ابتداء دولة باد وبني مروان بالموصل]

قد تقدّم لنا أنّ عضد الدولة استولى على ملك بني حمدان بالموصل سنة سبع وستين، ثم استولى على ميافارقين وآمد وسائر ديار بكر من أعمالهم، وعلى ديار مضر أيضا من أعمالهم سنة ثمان وستين وولّى عليها أبا الوفاء من قوّاده، وذهب ملك بني حمدان من هذه النواحي وكان في ثغور ديار بكر جماعة من الأكراد الحميدية مقدّمهم أبو عبد الله الحسين بن دوشتك، ولقبه باد وكان كثير الغزو بتلك البلاد وإخافة سبلها. وقال ابن الأثير حدّثني بعض أصدقائنا من الأكراد الحميدية أنّ اسمه باد وكنيته أبو شجاع وأنّ الحسين هو أخوه وأنّ أوّل أمره أنه ملك أرجيش من بلاد أرمينية فقوي أهـ-. ولما ملك عضد الدولة الموصل حضر عنده وهمّ بقبضه، ثم سأل عنه فافتقده وكفّ عن طلبه.

فلما مات عضد الدولة استفحل أمره واستولى على ميافارقين، وكثير من ديار بكر، ثم على نصيبين. وقال ابن الأثير: سار من أرمينية إلى ديار بكر فملك ثم ميافارقين، وبعث صمصام الدولة إليه العساكر مع أبي سعيد بهرام بن أردشير فهزمهم وأسر جماعة منهم، فبعث عساكر أخرى مع أبي القاسم سعيد بن الحاجب فلقيهم في بلد كواشى وهزمهم، وقتل منهم وأسر، ثم قتل الأسرى صبرا. ونجا سعيد إلى الموصل وباد

<<  <  ج: ص:  >  >>