للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الريّ وجاء كتاب السلطان إليه ولقيه فلم يثبت ومضى منهزما واستباح السلطان عسكره قتلا وأسرا وأجلت الواقعة عنه قتيلا، فحزن له السلطان ودفنه. ثم سار إلى بلاد الروم معتزما على الجهاد، ومرّ بأذربيجان ولقيه طغرتكين [١] من أمراء التركمان في عشيرة، وكان ممارسا للجهاد فحثّه على قصده، وسلك دليلا بين يديه فوصل إلى نجران على نهر أرس وأمر بعمل السفن لعبوره، وبعث عساكر لقتال خويّ وسلماس من حصون أذربيجان، وسار هو في العساكر فدخل بلاد الكرخ وفتح قلاعها واحدة بعد واحدة كما نذكر في أخبارهم. ودوّخ بلادهم وأحرق مدنهم وحصونهم، وسار إلى مدينة آي من بلاد الديلم فافتتحها وأثخن فيها وبعث بالبشائر إلى بغداد وصالحه ملك الكرخ على الجزية ورجع إلى أصبهان. ثم سار منها إلى كرمان فأطاعه أخوه قاروت بن داود جعفر بك. ثم سار إلى مرو وأصهر إليه خاقان ملك ما وراء النهر بابنته لابنه ملك شاه، وصاحب غزنة بابنته لابنه الآخر انتهى.

[العهد بالسلطنة لملكشاه بن ألب ارسلان]

وفي سنة ثمان وخمسين عهد ألب أرسلان بالسلطنة لابنه ملك شاه، واستخلف له الأمراء وخلع عليهم وأمر بالخطبة له في سائر أعماله، وأقطع بلخ لأخيه سليمان وخوارزم لأخيه ازعزا. [٢] ومرو لابنه أرسلان شاه، وصغانيان وطخارستان لأخيه إلياس ومازنداران للأمير ابتايخ وبيغوا [٣] وجعل ولاية نقشوان [٤] ونواحيها لمسعود بن ازناس [٥] وكان وزيره نظام الملك قد ابتدأ سنة سبع وخمسين بناء المدرسة النظاميّة ببغداد، وتمّت عمارتها في ذي القعدة سنة تسع وخمسين، وعيّن للتدريس بها الشيخ إسحاق الشيرازي، واجتمع الناس لحضور درسه، وتخلّف لأنه سمع أن في مكانها غصبا. وبقي الناس في انتظاره حتى يئسوا منه، فقال الشيخ أبو منصور: لا ينفصل هذا الجمع إلا عن تدريس، وكان أبو منصور الصبّاغ حاضرا فدرّس وأقام مدرّسا عشرين يوما حتى سمع أبو إسحاق الشيرازي بالتدريس فاستقرّ بها.


[١] طغركين: ابن الأثير ج ١٠ ص ٣٧.
[٢] هكذا بالأصل وفي الكامل ج ١٠ ص ٥٠: «وخوارزم لأخيه أرسلان ارغو.»
[٣] إينانج تيغو: ابن الأثير ج ١٠ ص ٥٠.
[٤] ولاية بغشور: ابن الأثير ج ١٠ ص ٥٠.
[٥] مسعود بن أرتاش.

<<  <  ج: ص:  >  >>