للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وزارته تاج الملك وهو الّذي سعى بنظام الملك، وكانت قد ظهرت كفايته. فلما صلّى السلطان العيد عاد إلى بيته وقد طرقه المرض، وتوفي منتصف شوّال، فكتمت زوجته تركمان خاتون موته وأنزلت أموالها وأموال أهل الدولة بحريم دار الخلافة، وارتحلت إلى أصبهان، وسلّوا السلطان معها في تابوته وقد بذلت الأموال للأمراء على طاعة ابنها محمود والبيعة له فبايعوه، وقدمت من طريق قوام الدولة كربوقا الّذي ملك الموصل من بعد ذلك، فسار بخاتم السلطان لنائب القلعة وتسلّمها. ولما بايعت لولدها محمود وعمره يومئذ أربع سنين بعثت إلى الخليفة المقتدي في الخطبة له فأجابها على شرط أن يكون أنز من أمراء أبيه هو القائم بتدبير الملك، وأن يصدر عن رأي الوزير تاج الملك، ويكون له ترتيب العمّال وجباية الأموال فأبت أوّلا من قبول هذا الشرط، حتى جاءها الإمام أبو حامد الغزالي وأخبرها أنّ الشرع لا يجير تصرفاته فأذعنت لذلك، فخطب لابنها آخر شوّال من السنة، ولقّب ناصر الدولة والدين، وكتب إلى الحرمين الشريفين فخطب له بهما.

[ثورة بركيارق بملك شاه]

كانت تركمان خاتون عند موت السلطان ملك شاه قد كتمت موته وبايعت لابنها محمود كما قلناه، وبعثت إلى أصبهان سرّا في القبض على بركيارق ابن السلطان ملك شاه خوفا من أن ينازع ابنها محمود فحبس. فلما ظهر موت ملك شاه وثب مماليك بركيارق ونظام الملك على سلاح كان له بأصبهان وثاروا في البلد وأخرجوا بركيارق في محبسه وبايعوه وخطبوا له بأصبهان. وكانت أمّه زبيدة بنت عم ملك شاه وهو ياقولي خائفة على ولدها من خاتون أمّ محمود، وكان تاج الملك قد تقدّم إلى أصبهان وطالبه العسكر بالأموال فطلع إلى بعض القلاع لينزل منها المال وامتنع منها خوفا من مماليك نظام الملك. ولما وصلت تركمان خاتون إلى أصبهان جاءها فقبلت عذره. وكان بركيارق لما أقامت خاتون ابنها محمودا بأصبهان خرج فيمن معه من النظامية إلى الريّ واجتمع معه بعض أمراء أبيه وبعثت خاتون العساكر إلى قتاله، وفيهم أمراء ملك شاه. فلما تراءى الجمعان هرب كثير من الأمراء إلى بركيارق واشتدّ القتال فانهزم عسكر محمود وخاتون، وعادوا إلى أصبهان وسار بركيارق في أثرهم فحاصرهم بها.

<<  <  ج: ص:  >  >>