للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كنجسرو الديلميّ صاحب آوة [١] ومن أصحاب بركيارق على ينال بن أنوش تكين فهزمه، وانهزم معه عسكر محمد، وافترقوا فلحق فريق بطبرستان وآخر بقزوين، ولحق محمد بأصبهان في سبعين فارسا، واتّبعه أياز وألبكي بن برسق فنجا إلى البلد وبها نوّابه، فلمّ ما تشعّث من السور، وكان من بناء علاء الدين بن كاكويه سنة تسع وعشرين لقتال طغرلبك وحفر الخنادق وأبعد مهواها وأجرى فيها المياه، ونصب المجانيق، واستعدّ للحصار. وجاء بركيارق في جمادى ومعه خمسة عشر ألف فارس ومائة ألف من الرجل والأتباع، فحاصرها حتى جهدهم الحصار وعدمت الأقوات والعلوفة، فخرج محمد عن البلد في عيد الأضحى من سنته في مائة وخمسين فارسا، ومعه ينال، ونزل في الأمراء، وبعث بركيارق في اتباعه الأمير أياز. وكانت خيل محمد ضامرة من الجوع، فالتفت إلى أياز يذكّره العهود فرجع عنه بعد أن نهب منه خيلا ومالا، وأخذ علمه وجنده وعاد إلى بركيارق. ثم شدّ بركيارق في حصار أصبهان، وزحف بالسلاليم والذبابات، وجمع الأيدي على الخندق فطمّه، وتعلّق الناس بالسور فاستمات أهل البلد ودفعوهم. وعلم بركيارق امتناعها فرحل عنها ثامن عشر ذي الحجّة. وجمّر عسكرا مع ابنه ملك شاه وترشك الصوالي على البلد القديم الّذي يسمّى شهرستان، وسار إلى همذان بعد أن كان قتل على أصبهان وزيره الأغر أبو المحاسن عبد الجليل الدهستاني، اعترضه في ركوبه من خيمته إلى خدمة السلطان متظلم فطعنه وأشواه، ورجع إلى خيمته فمات، وذهب للتجّار الذين كانوا يعاملونه أموال عظيمة لأنّ الجباية كانت ضاقت بالفتن، فاحتاج إلى الاستدانة، ونفر منه التجّار لذلك. ثم عامله بعضهم فذهب ما لهم بموته، وكان أخوه العميد المهذّب أبو محمد قد سار إلى بغداد لينوب عنه حين عقد الأمراء الصلح بين بركيارق ومحمد، فقبض عليه الشحنة ببغداد أبو الغازي بن أرتق وكان على طاعة محمد.

[الشحنة ببغداد والخطبة لبركيارق]

كان أبو الغازي [٢] بن أرتق شحنة ببغداد وولّاه عليها السلطان محمد عند استيلائه في المصاف الأوّل، وكان طريق خراسان إليه فعاد بعض الأيام منها إلى بغداد، وضرب


[١] سرخاب بن كيخسرو الديلميّ صاحب أبة: ابن الأثير ج ١٠ ص ٣٣٢.
[٢] إيلغازي: ابن الأثير ج ١٠ ص ٣٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>