للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآخر سنة ثمان وتسعين. وبلغ الخبر إلى ابنه ملك شاه والأمير أياز على اثني عشر فرسخا من بلد يزدجرد [١] فرجعوا، وحضروا لتجهيزه وبعثوا به إلى أصبهان للدفن بها في تربة أعدّها، وأحضر أياز السرادقات والخيام والخفر والشمسة، وجميع آلات السلطنة فجعلها الملك شاه. وكان أبو الغازي شحنة ببغداد وقد حضر عند السلطان بركيارق بأصبهان في المحرّم وحثّه على المسير إلى بغداد، فلما مات بركيارق سار مع ابنه ملك شاه والأمير أياز ووصلوا بغداد منتصف ربيع الآخر في خمسة آلاف فارس، وركب الوزير أبو القاسم عليّ بن جهير لتلقّيهم فلقيهم بديالى، وأحضر أبو الغازي والأمير طما يدل [٢] بالديوان وطلبوا الخطبة لملك شاه بن بركيارق فأجاب المستظهر إلى ذلك وخطب له ولقّب بألقاب جدّه ملك شاه ونثرت الدنانير عند الخطبة.

وصول السلطان محمد الى بغداد واستبداده بالسلطنة والخطبة ومقتل أياز

كان محمد بعد صلحه مع أخيه بركيارق قد اعتزم على المسير الى الموصل ليتناولها من يد جكرمش لما كانت من البلاد التي عقد عليها وكان بتبريز ينتظر وصول أصحابه من أذربيجان، فلمّا وصلوا استوزر سعد الملك أبا المحاسن لحسن أثره في حفظ أصبهان.

ثم رحل في صفر سنة ثمان وتسعين يريد الموصل وسمع جكرمش فاستعدّ للحصار وأمر أهل السواد بدخول البلد. وجاء محمد فحاصره وبعث إليه كتب أخيه بأنّ الموصل والجزيرة من قسمته، وأراه إيمانه بذلك، ووعده بأن يقرّه على ولايتها فقال جكرمش: قد جاءتني كتب بركيارق بعد الصلح بخلاف هذا فاشتدّ محمد في حصاره، وقتل بين الفريقين خلق، ونقب السور ليلة فأصبحوا وأعادوه، ووصل الخبر إلى جكرمش بوفاة بركيارق عاشر جمادى فاستشار أصحابه ورأى المصلحة في طاعة السلطان محمد فأرسل إليه بالطاعة، وأن يدخل إليه وزيره بعد الملك فدخل، وأشار عليه بالحضور عند السلطان فحضر، وأقبل السلطان عليه وردّه لجيشه لما توقع من ارتياب أهل البلد بخروجه، وأكثر من الهدايا والتحف للسلطان ولوزيره. ولما بلغ وفاة أخيه بركيارق سار إلى بغداد ومعه سقمان القطبي نسبة إلى قطب الدولة


[١] بروجرد: ابن الأثير ج ١٠ ص ٣٨٠ وقد مرّ ذكرها من قبل.
[٢] طغايرك: ابن الأثير ج ١٠ ص ٣٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>