للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خبرهم فكتب يحذّرهم فلم يقبلوا وخلعوا، وخطبوا للملك مسعود بالسلطنة وضربوا له النوب الخمس، وذلك سنة أربع عشرة. وكانت عساكر السلطان محمود مفترقة فبادروا إليه والتقوا في عقبة أستراباذ منتصف ربيع الأوّل. والبرسقي في مقدمة محمود، وأبلى يومئذ، واقتتلوا يوما كاملا وانهزمت عساكر مسعود في عشيته وأسر جماعة منهم، وفيهم الوزير الأستاذ أبو إسماعيل الطّغرائي، فأمر السلطان بقتله لسنة من وزارته، وقال هو فاسد العقيدة، وكان حسن الكتابة والشعر وله تصانيف في الكيمياء. وقصد الملك مسعود بعد الهزيمة جبلا على اثني عشر فرسخا من مكان الوقعة فاختفى فيه، وبعث يطلب الأمان من أخيه فبعث إليه البرسقي يؤمّنه ويحضره.

وكان بعض الأمراء قد لحق به في الجبل وأشار عليه باللحاق بالموصل، واستمدّ دبيسا فسار لذلك وأدركه البرسقي على ثلاثين فرسخا من مكانه وأمّنه عن أخيه، وأعاده إليه فأريب العساكر للقائه وبالغ في إكرامه وخلطه بنفسه. وأمّا أتابكه حيوس بك فلما افتقد السلطان مسعود سار إلى الموصل وجمع العساكر، وبلغه فعل السلطان مع أخيه فسار إلى الزاب. ثم جاء السلطان بهمذان فأمّنه وأحسن إليه. وأمّا دبيس فلما بلغه خبر الهزيمة عاث في البلاد وأخربها وبعث إليه المسترشد بالنكير فلم يقبل، فكتب بشأنه إلى السلطان محمود وخاطبه السلطان في ذلك فلم يقبل، وسار إلى بغداد وخيّم إزاء المسترشد وأظهر أنه يثأر منهم بأبيه. ثم عاد عن بغداد ووصل السلطان في رجب، فبعث دبيس إليه زوجته بنت عميد الدولة بن جهير بمال وهدايا نفيسة وأجيب إلى الصلح على شروط امتنع منها فسار إليه السلطان في شوّال ومعه ألف سفينة. ثم استأمن إلى السلطان فأمّنه وأرسل نساءه إلى البطيحة. وسار إلى أبي الغازي مستجيرا به، ودخل السلطان الحلّة وعاد عنها ولم يزل دبيس عند أبي الغازي. وبعث أخاه منصورا إلى أصحابه من أمراء النواحي ليصلح حاله مع السلطان فلم يتمّ ذلك.

وبعث إليه أخوه منصور يستدعيه إلى العراق، فسار من قلعة جعبر إلى الحلّة سنة خمس عشرة وملكها، وأرسل إلى الخليفة والسلطان بالاعتذار والوعد بالطاعة، فلم يقبل منه، وسارت إليه العساكر مع سعد الدولة بن تتش ففارق الحلّة ودخلها سعد وأنزل بالحلّة عسكرا وبالكوفة آخر. ثم راجع دبيس الطاعة على أن يرسل أخاه منصورا رهينة فقبل، ورجع العسكر إلى بغداد سنة ست عشرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>