للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومعه زنكي لقتال السلطان مسعود، وبرز الراشد أوّل رمضان وسار إلى طريق خراسان ورجع بعد ثلاث وأرسل إلى داود والأمراء بالعود، وقتال مسعود من وراء السور، وراسلهم مسعود بالطاعة والموافقة فأبوا، وتبعهم الخليفة في ذلك. وجاء مسعود فنزل على بغداد وحصرهم فيها، وثار العيّارون وكثر الهرج وأقاموا كذلك نيفا وخمسين، وامتنعوا وأقلع السلطان عنهم. ثم وصله طرنطاني صاحب واسط بالسفن فعاد وعبر إلى الجانب الغربي فاضطرب الراشد وأصحابه، وعاد داود إلى بلاده، وكان زنكي بالجانب الغربي فعبر إليه الراشد وسار معه إلى الموصل، ودخل السلطان مسعود بغداد منتصف ذي القعدة سنة ثلاثين، وأمّن الناس. واستدعى القضاة والفقهاء والشهود وعرض عليهم يمين الراشد بخطّه: إني متى جنّدت جندا، وخرجت ولقيت أحدا من أصحاب السلطان بالسيف فقد خلعت نفسي من الأمر فأفتوا بخلعه. ووافقهم على ذلك أصحاب المناصب والولايات، واتفقوا على ذمّه فتقدّم السلطان لخلعه، وقطعت خطبته ببغداد وسائر البلاد في ذي القعدة من سنة ثلاثين لسنة من خلافته.

[خلافة المقتفي]

ولما قطعت خطبة الراشد استشار السلطان مسعود أعيان بغداد فيمن يولّيه، فأشاروا بمحمد بن المستظهر فقدم إليهم بعمل محضر في خلع الراشد، وذكروا ما ارتكبه من أخذ الأموال ومن الأفعال القادحة في الإمامة، وختموا آخر المحضر بأن من هذه صفته لا يصلح أن يكون إماما. وحضر القاضي أبو طاهر بن الكرخي فشهدوا عنده بذلك وحكم بخلعه، ونفّذه القضاة الآخرون وكان قاضي القضاة غائبا عند زنكي بالموصل، وحضر السلطان دار الخلافة ومعه الوزير شرف الدين الزينبي وصاحب المخزن ابن العسقلاني، وأحضر أبو عبد الله بن المستظهر فدخل إليه السلطان والوزير واستخلفاه. ثم أدخلوا الأمراء وأرباب المناصب والقضاة والفقهاء فبايعوه ثامن عشر ذي الحجّة ولقّبوه المقتفي. واستوزر شرف الدين عليّ بن طراد الزينبي وبعث كتاب الحكم بخلع الراشد إلى الآفاق، وأحضر قاضي القضاة أبا القاسم عليّ بن الحسين فأعاده إلى منصبه، وكمال الدين حمزة بن طلحة صاحب المخزن كذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>