للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستباح عسكره ونجا سنقر جريحا إلى بلاد العجم فأقام بها. ثم جاء بها سنة أربع وخمسين إلى بغداد، وألقى نفسه تحت التاج فرضي عنه المقتفي. وأذن له في دخول دار الخلافة. ثم زحف إلى قايماز السلطان في ناحية بادرايا سنة ثلاث وخمسين فهزمه وقتله وبعث المقتفي عساكره لقتال شملة فلحق بملك شاه.

[وفاة السلطان محمد بن محمود وملك عمه سليمان شاه ثم ارسلان بن طغرل]

ثم إنّ السلطان محمد بن محمود بن ملك شاه لما رجع عن حصار بغداد أصابه مرض السل وطال به، وتوفي بهمذان في ذي الحجّة سنة أربع وخمسين لسبع سنين ونصف من ملكه، وكان له والد فيئس من طاعة الناس له، ودفعه لآقسنقر الأحمديلي وأوصاه عليه فرحل به إلى مراغة. ولما مات السلطان محمد اختلف الأمر فيمن يولّونه، ومال الأكثر إلى سليمان شاه عمّه، وطائفة إلى ملك شاه أخيه، وطائفة إلى أرسلان بن السلطان طغرل الّذي مع الدكز ببلاد أرّان. وبادر ملك شاه أخوه فسار من خوزستان ومعه شملة التركماني ودكلا صاحب فارس، ورحل إلى أصبهان فأطاعه ابن الخجنديّ، وأنفق عليه الأموال وبعث إلى عساكر همذان في الطاعة فلم يجيبوه، وأرسل أكابر الأمراء من همذان إلى قطب الدين مودود بن زنكي صاحب الموصل في سليمان شاه المحبوس عنده ليولّوه عليهم، وذلك أوّل سنة خمس وخمسين فأطلقه على أن يكون أتابكا له وجمال الدين وزيره وزيرا وجهّزه بجهاز السلطنة وبعث معه نائبة زين الدين عليّ كوجك في عسكر الموصل. فلما قاربوا بلاد الجبل وأقبلت العساكر من كل جهة على السلطان سليمان فارتاب كوجك لذلك، وعاد إلى الموصل فلم ينتظم أمر سليمان، ودخل همذان وبايعوا له وخطب له ببغداد. وكثرت جموع ملك شاه بأصبهان وبعث إلى بغداد في الخطبة، وأن يقطع خطبة عمّه ويراجع القواعد بالعراق إلى ما كانت فوضع عليه الوزير عون الدين بن هبيرة جارية بعث بها إليه فسمّته، فمات سنة خمس وخمسين، فأخرج أهل أصبهان أصحابه وخطبوا لسليمان شاه.

وعاد شملة إلى خراسان فملك كل ما كان ملك شاه تغلّب عليه منها. واستقرّ سليمان شاه بتلك البلاد، وشغل باللهو والسكر ومنادمة الصفّاعين، وفوض الأمور إلى شرف الدين دوا داره من مشايخ السلجوقيّة، كان ذا دين وعقل وحسن تربية، فشكا

<<  <  ج: ص:  >  >>