للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العدل وبذل الأموال وسقط في يد الوزير وندم ما فرّط، واستدعي للبيعة، فلما دخل قتلوه وقبض المستضيء على القاضي ابن مزاحم وكان ظلوما جائرا واستصفاه وردّ الظلامات منه على أربابها، وولّى أبا بكر بن نصر بن العطّار صاحب المخزن ولقّبه ظهير الدين.

انقراض الدولة العلوية بمصر وعود الدعوة العبّاسية إليها

ولأوّل خلافة المستضيء كان انقراض الدولة العلويّة بمصر، والخطبة بها للمستضيء من بني العبّاس في شهر المحرّم فاتح سنة سبع وستين وخمسمائة قبل عاشوراء، وكان آخر الخلفاء العبيديّين بها العاضد لدين الله من أعقاب الحافظ لدين الله عبد المجيد، وخافوا المستضيء معه ثامن خلفائهم، وكان مغلبا لوزارته. واستولى شاور منهم وثقلت وطأته عليهم فاستقدم ابن شوار من أهل الدولة من الإسكندرية. وفرّ شاور إلى الشام مستنجدا بالملك العادل نور الدين محمود بن زنكي من آقسنقر، وكان من مماليك السلجوقية وأمرائهم المقيمين للدعوة العبّاسية. وكان صلاح الدين يوسف بن نجم الدين أيوب بن [١] الكردي هو وأبوه نجم الدين أيوب وعمّه أسد الدين شيركوه في جماعة من الأكراد في خدمة نور الدين محمود بالشام، فلما جاء شاور مستنجدا بعث معه هؤلاء الأمراء الأيوبيّة وكبيرهم أسد فأعاده إلى وزارته، وقتل الضرغام، ولم يوف له شاور بما ضمن له عند مسيره من الشام في نجدته. وكان الفرنج قد ملكوا سواحل مصر والشام وزاحموا ما يليها من الأعمال، وضيّقوا على مصر والقاهرة إلى أن ملكوا بلبيس وأيلة عند العقبة. واستولوا على الدولة العلويّة في الضرائب والطلبات وأصبحوا مأوى لمن ينحني عن الدولة. وداخلهم شاور في مثل ذلك فارتاب به العاضد وبعث عزّ الدين مستصرخا به على الفرنج في ظاهر أمره، ويسرحون في ارتعاء [٢] من إبادة شاور والتمكّن منه فوصل لذلك، وولّاه العاضد وزارته وقلّده ما وراء بابه، فقتل الوزير شاور وحسم داءه وكان مهلكه قريبا من وزارته يقال لسنة ويقال لخمسين يوما فاستوزر العاضد مكانه صلاح الدين ابن أخيه


[١] كذا بياض بالأصل: وهو صلاح الدين يوسف بن أيوب بن شاذي ابن الأثير ج ١١ ص ٣٦٨.
[٢] العبارة غير واضحة ولم نهتد الى تصويبها في المراجع التي بين أيدينا.

<<  <  ج: ص:  >  >>