للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذي القعدة سنة ست وتسعين ومائة أيام المهدي، واجتمع عليه قرابته وفيهم عمّاه إدريس ويحيى، وقاتلهم محمد بن سليمان بن علي بعجة على ثلاثة أميال بمكة فقتل الحسين في جماعة من أهل بيته وانهزموا وأسر كثير منهم، ونجا يحيى بن إدريس وسليمان، وظهر يحيى بعد ذلك في الديلم، وقد ذكرنا خبره من قبل وكيف استنزله الرشيد وحبسه. (وأمّا إدريس) ففرّ ولحق بمصر، وعلى بريدها يومئذ واضح مولى صالح بن المنصور ويعرف بالمسكين، وكان واضح يتشيّع، فعلم شأن إدريس وأتاه إلى الموضع الّذي كان به مستخفيا ولم ير شيئا أخلص من أن يحمله على البريد إلى المغرب ففعل، ولحق إدريس بالمغرب الأقصى هو ومولاه راشد، ونزل بولية [١] سنة اثنتين وسبعين وبها يومئذ إسحاق بن محمد بن عبد الحميد أمير أوربة وكبيرهم لعهده فأجاره، وأجمع البرابر على القيام بدعوته، وكشف القناع في ذلك، واجتمعت عليه زواغة ولواتة وسدراتة وغياثة ونفرة ومكناسة وغمارة وكافة البرابر بالمغرب فبايعوه، وقاموا بأمره. وخطب الناس يوم بويع فقال بعد حمد الله والصلاة على نبيّه لا تمدّن الأعناق إلى غيرنا فإنّ الّذي تجدونه عندنا من الحق لا تجدونه عند غيرنا ولحق به من إخوته سليمان، ونزل بأرض زناتة من تلمسان ونواحيها، ونذكر خبره فيما بعد. (ولما استوثق) أمر إدريس وتمّت دعوته زحف إلى البرابرة الذين كانوا بالمغرب على دين المجوسيّة واليهوديّة والنصرانيّة مثل قندلاوة وبهلوانه ومديونة وما زار وفتح تامستا [٢] ومدينة شاله وتادلا [٣] وكان أكثرهم على دين اليهوديّة والنصرانيّة فأسلموا على يديه طوعا وكرها وهدم معاقلهم وحصونهم. ثم زحف إلى تلمسان وبها من قبائل بني يعرب ومغراوه سنة ثلاث وسبعين، ولقيه أميرها محمد بن حرز بن جزلان فأعطاه الطاعة، وبذل له إدريس الأمان ولسائر زناتة فأمكنه من قياد البلد، وبنى مسجدها وأمر بعمل منبره وكتب اسمه فيه حسبما هو مخطوط في صفح [٤] المنبر لهذا العهد.

ورجع إلى مدينة وليلى ثم دسّ إليه الرشيد مولى من موالي المهدي اسمه سليمان بن حريز ويعرف بالشمّاخ أنفذه بكتابه إلى ابن الأغلب فأجازه، ولحق بإدريس مظهرا النزوع


[١] هي وليلى: مدينة بالمغرب قرب طنجة (معجم البلدان)
[٢] هي تامست: قرية لكتامة وزناتة قرب المسيلة وأشير بالمغرب (معجم البلدان)
[٣] هي تادلة: من جبال البربر بالمغرب قرب تلمسان (معجم البلدان)
[٤] جنب المنبر

<<  <  ج: ص:  >  >>