للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بن أفق [١] من أمراء السلطان ملك شاه وسموه [٢] الشاميون أفسفس والصحيح هذا، وهو اسم تركي هكذا قال ابن الأثير، فزحف سنة ثلاث وثلاثين بل وستين ففتح الرملة، ثم بيت المقدس وحصر دمشق وعاث في نواحيها وبها المعلّى بن حيدرة، ولم يزل يوالي عليها البعوث إلى سنة ثمان وستين، وكثر عسف المعلّى بأهلها مع ما هم فيه من شدّة الحصار فثاروا به، وهرب إلى بلسيس، ثم لحق بمصر فحبس إلى أن مات. ولما هرب من دمشق اجتمعت المصامدة وولوا عليهم انتصار بن يحيى منهم ولقّبوه وزير الدولة، ثم اضطربوا مما هم فيه من الغلاء، وجاء أمير من القدس فحاصرهم حتى نزلوا على أمانه. وأنزل وزير الدولة بقلعة بانياس ودخل دمشق في ذي القعدة، وخطب فيها للمقتدي العبّاسيّ. ثم سار إلى مصر سنة تسع وستين فحاصرها، وجمع بدر الجمالي العساكر من العرب وغيرهم، وقاتله فهزمه وقتل أكثر أصحابه، ورجع أتسز منهزما إلى الشام فأتى دمشق، وقد صانوا مخلّفه فشكرهم ورفع عنهم خراج سنة تسع وستين، وجاء إلى بيت المقدس فوجدهم قد عاثوا في مخلّفه وحصروا أهله وأصحابه في مسجد داود عليه السلام، فحاصرهم ودخل البلد عنوة، وقتل أكثر أهله حتى قتل كثيرا في المسجد الأقصى. ثم جهّز أمير الجيوش بدر الجمالي العساكر من مصر مع قائده نصير الدولة، فحاصر دمشق وضيّق عليها، وكان ملك السلجوقيّة السلطان ملك شاه قد أقطع أخاه تتش سنة سبعين وأربعمائة بلاد الشام، وما يفتحه منها فزحف إلى حلب وحاصرها وضيّق عليها، ومعه جموع كثيرة من التركمان فبعث إليه أتسز من دمشق يستصرخه، فسار إليه، وأجفلت عساكر مصر عن دمشق، وخرج أتسز من دمشق للقائه فقتله وملك البلد، وذلك سنة إحدى وسبعين. وملك ملك شاه بعد ذلك حلب واستولى السلجوقية على الشام أجمع، وزحف أمير الجيوش بدر الجمالي من مصر في العساكر، إلى دمشق وبها تاج الدولة تتش فحاصره وضيّق عليه، وامتنع عليه ورجع، وزحفت عساكر مصر سنة اثنتين وثمانين إلى الشام فاسترجعوا مدينة صور من يد أولاد القاضي عين الدولة بن أبي عقيل، كان أبوهم قد انتزى عليها، ثم فتحوا مدينة صيدا ثم مدينة جميل [٣]


[١] وفي نسخة اخرى: اتسز بن أنسز.
[٢] الأصح سمّاه الشاميون.
[٣] هي مدينة جبيل على الساحل اللبناني.

<<  <  ج: ص:  >  >>