للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سلار فحضروا، واستأذن المؤتمن بعدهم في الوصول فأذن له. وحضر رمضان من سنة تسع عشرة فجاءوا إلى القصر للإفطار على العادة، ودخل المأمون والمؤتمن فقبض عليهما وحبسهما داخل القصر، وجلس الآمر من الغد في إيوانه وقرأ عليه وعلى الناس كتابا بتعديد ذنوبهم، وترك الآمر رتبة الوزارة خلوا، وأقام رجلين من أصحاب الدواوين يستخرجان الأموال من الخراج والزكاة والمكس، ثم عزلهما لظلمهما. ثم حضر الرسول الّذي بعثه إلى اليمن ليكشف خبر المأمون، وحضر ابن نجيب وداعيته فقتل وقتل المأمون وأخوه المؤتمن.

[(مقتل الآمر وخلافة الحافظ)]

كان الآمر مؤثرا للذّاته طموحا إلى المعالي وقاعدا عنها، وكان يحدّث نفسه بالنهوض إلى العراق في كلّ وقت، ثم يقصر عنه وكان يقرض الشعر قليلا ومن قوله:

أصبحت لا أرجو ولا ألقى ... إلّا إلهي وله الفضل

جدّي نبي وإمامي أبي ... ومذهبي التوحيد والعدل

وكانت الفداويّة تحاول قتله فيتحرّز منهم، واتفق أنّ عشرة منهم اجتمعوا في بيت، وركب بعض الأيام إلى الروضة، ومرّ على الجسر بين الجزيرة ومصر فسبقوه فوقفوا في طريقه، فلما توسط الجسر انفرد عن الموكب لضيقه، فوثبوا عليه وطعنوه وقتلوا لحينهم، ومات هو قبل الوصول إلى منزله سنة أربع وعشرين وخمسمائة، لتسع وعشرين سنة ونصف من خلافته. وكان قد استخلص مملوكين وهما برغش العادل وبرعوارد هزير الملوك، وكان يؤثّر العادل منهما، فلما مات الآمر تحيّلوا في قيام المأمون عبد الحميد [١] بالأمر وكان أقرب القرابة سنا وأبوه أبو القاسم بن المستضيء معه،


[ () ] فسمع بذلك أبو الحسن بن أبي أسامة وكان خصيصا بالآمر، قريبا منه، وقد ناله من الوزير أذى وأطراح، فحضر عند الآمر وأعمله الحال فقبض عليه وصلبه» .
[١] العبارة غير واضحة وفي الكامل ج ١٠ ص ٦٦٤ يذكر ابن الأثير في احداث سنة ٥٢٤: «وفي هذه السنة (٥٢٤) ثاني ذي القعدة قتل الآمر بأحكام الله ابو علي بن المستعلي العلويّ صاحب مصر، خرج الى منتزه له، فلما عاد وثب عليه الباطنية فقتلوه لأنه كان سيّئ السيرة في رعيته، وكانت ولايته تسعا

<<  <  ج: ص:  >  >>