للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن مضيال فشكا إلى الظافر فلم يشكه فقال ذوو الحروب: ليس هنا من يقاتل ابن السلار فغضب الظافر ودسّ عليه من بني عليّ مصلحيه فخرج إلى الصّعيد، وقدم ابن السلار إلى القاهرة فاستوزره الظافر، وهو منكر له ولقّبه العادل. وبعث العساكر مع العبّاس ربيبه في اتباع ابن مضيال فخرج في طلبه. وكان جماعة من لواتة السودان فتحصّنوا من عبّاس في جامع دولام فأحرقه عليهم، وقتل ابن مضيال وجاء برأسه.

وقام ابن سلار بالدولة وحفظ النواميس وشدّ من مذاهبه أهله. وكان الخليفة مستوحشا منه منكرا له وهو مبالغ في النصيحة والخدمة. واستخدم الرجّالة لحراسته، فارتاب له صبيان الخاص من حاشية الخليفة فاعتزموا على قتله، ونمي ذلك إليه فقبض على رءوسهم فحبسهم، وقتل جماعة منهم وافترقوا، ولم يقدر الظافر على إنكار ذلك. واحتفل ابن السلار بأمر عسقلان، ومنعها من الفرنج وبعث إليها بالمدد كل حين من الأقوات والأسلحة فلم يغن ذلك عنها، وملكها الفرنج وكان لذلك من الوهن على الدولة ما تحدّث به الناس.

ولما قتل العادل بن السلار صبيان الخاص تأكّد نكر الخليفة له، واشتدّ قلقه. وكان عبّاس بن أبي الفتوح صديقا ملاطفا له فكان يسكّنه ويهدّيه، وكان لعبّاس ولد اسمه نصير، استخصه الظافر واستدناه، ويقال كان يهواه، ففاوض العادل عبّاسا في شأن ابنه عن مخالطة ابنه للظافر فلم ينته ابنه، فنهى العادل جدّته أن يدخل إلى بيته فشقّ ذلك على نصير وعلى أبيه، وتنكّر للعادل. وزحف الفرنج إلى عسقلان فجهّز العادل الجيوش والعساكر إليها مددا مع ما كان يمدّها به، وبعثهم مع عبّاس بن أبي الفتوح فارتاب لذلك، وفاوض الظافر في قتل العادل وحضر معهم مؤيدا لدولة الأمير أسامة بن منقذ أحد أمراء شيزر، وكان مقرّبا عند الظافر وصديقا لعبّاس، فاستصوب ذلك وحثّ عليه، وخرج عبّاس بالعساكر إلى بلبيس، وأوصى ابنه نصير بقتله، فجاء في جماعة إلى بيت جدّته، والعادل نائم فدخل إليه وضربه فلم يجهز عليه، وخرج إلى أصحابه. ثم دخلوا جميعا فقتلوه وجاءوا برأسه إلى الظافر، ورجع عبّاس من بلبيس بالعساكر فاستوزره الظافر، وقام بالدولة وأحسن الى الناس، وأيس أهل عسقلان من المدد فأسلموا أنفسهم وبلدهم بعد حصار طويل وكان ذلك كله سنة ثمان وأربعين

.

<<  <  ج: ص:  >  >>