للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأموال مع بهاء الدين قراقوش وأمراء الغزّ، واستمدّ نور الدين واعتذر عن المسير إليها بشأن مصر والشيعة فبعث نور الدين العساكر إليها شيئا فشيئا، وسار بنفسه إلى بلاد الفرنج بسواحل الشام فضيّق عليها، فأقلع الفرنج عن دمياط لخمسين يوما من نزولها فوجدوا بلادهم خرابا، وأثنى العاضد على صلاح الدين في ذلك. ثم بعث صلاح الدين غرابيه [١] نجم الدين وأصحابه إلى مصر وركب العاضد للقائه تكرمة له.

[(واقعة الخصيان وعمارة)]

ولما استقام الأمر لصلاح الدين بمصر غصّ به الشيعة وأولياؤهم، واجتمع منهم العوريش، وقاضي القضاة ابن كامل والأمير المعروف والكاتب عبد الصمد، وكان فصيحا، وعمارة اليمني الشاعر الزبيدي، وكان متولي كبرها فاتفقوا على استدعاء الفرنج لإخراج الغزّ من مصر، وجعلوا لهم نصيبا وافرا من ارتفاعها، وعمدوا إلى شيعي من خصيان القصر اسمه نجاح ولقبه مؤتمن الدولة، وكان قد ربى العاضد وصهره فأغروه بذلك، ورغبوا على أن يجمع رسول الفرنج بالعاضد فجمعه معه في بيته ملبسا بذلك، ولم يكن العاضد الّذي حضر وأوهموه أنه عقد معه. ثم اتصل الخبر بنجم الدين بن مضيال من أولياء الشيعة، وكان نجم الدين قد اختصّه صلاح الدين وولّاه الإسكندرية، واستغضبه بهاء الدين قراقوش ببعض النزغات فظنوا أنه غضب فأطلعوه على شأنهم، وأن يكون وزيرا وعمارة كاتب الدست وصاحب ديوان الإنشاء والمكاتبات مكان الفاضل بن كامل قاضي القضاة داعي الدعاة، وعبد الصمد جابي الأموال والعوريش ناظرا عليه، فوافقهم ابن مضيال ووشى بهم إلى صلاح الدين، فقبض عليهم وعلى رسول الفرنج، وقرّرهم في عدّة مجالس. وأحضر زمام القصر وهو مختص بالغزّ ونكر عليه خروج العاضد إلى بيت نجاح فحلف على نفسه وعلى العاضد أنّ هذا لم يقع، وأخبر العاضد بطلب حضور نجاح مع مختص، فحضر واعترف بالحق أنّ العاضد لم يحضر، فتحقّق صلاح الدين براءته. وكان عمارة


[١] المعنى غير واضح وفي الكامل ج ١١ ص ٣٥٣: واما نجم الدين أيّوب فإنه وصل الى مصر سالما هو ومن معه، وخرج العاضد الخليفة فالتقاه إكراما له.

<<  <  ج: ص:  >  >>