للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خمسين يوما. ثم سار إلى المدينة فتوارى عاملها وحاصرها حتى مات أهلها جوعا، ولم يصلّ أحد في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووصل عساكر المعتزّ إلى المدينة فأفرج عنها ورجع إلى مكّة وحاصرها حتى جهدها الحصار، ورحل بعد مقامة شهرين إلى جدة فأخذ أموال التجّار ونهب ما في مراكبهم ورجع إلى مكّة، وقد وصل إليها محمد بن عيسى بن المنصور وعيسى بن محمد المخزومي بعثهما المعتز لقتاله فتواقعوا بعرفة، واقتتلوا وقتل من الحاج نحو ألف، وسلبوا الناس وهربوا إلى مكّة، وبطل الموقف إلا إسماعيل وأصحابه وخطب لنفسه. ثم رجع إلى جدّة واستباحوها [١] ثانية. ثم هلك لسنة من خروجه بالجدري آخر سنة اثنتين وخمسين أيام حرب المستعين والمعتز. وكان يتردّد بالحجاز منذ اثنتين وعشرين سنة، ومات ولم يعقب، وولي مكانه أخوه محمد الأخيضر وكان أسنّ منه بعشرين سنة، ونهض إلى اليمامة فملكها، واتخذ قلعة الحصرميّة، وكان له من الولد محمد وإبراهيم وعبد الله ويوسف. وهلك فولي بعده ابنه يوسف، وأشرك ابنه إسماعيل معه في الأمر مدّة حياته. ثم هلك وانفرد إسماعيل بملك اليمامة وكان له من الإخوة الحسن وصالح ومحمد بنو يوسف. فلما هلك إسماعيل ولي من بعده أخوه الحسن، وبعده ابنه أحمد بن الحسن. ولم يزل ملكها فيهم إلى أن غلب عليهم القرامطة، وانقرض أمرهم والبقاء للَّه. وكان بمدينة غانة من بلاد السودان بالمغرب مما يلي البحر المحيط ملك بني صالح، ذكرهم صاحب كتاب زجار في الجغرافيا. ولم نقف على نسب صالح هذا من خبر يعوّل عليه. وقال بعض المؤرخين أنه صالح بن عبد الله بن موسى بن عبد الله الملقّب أبا الكرام بن موسى الجون، وأنه خرج أيام المأمون بخراسان، وحمل إليه وحبسه وابنه محمد من بعده، ولحق بنوه بالمغرب فكان لهم ملك في بلد غانة. ولم يذكر ابن حزم في أعقاب موسى الجون صالحا هذا بهذا النسب، ولعلّه صالح الّذي ذكرناه آنفا في ولد يوسف بن محمد الأخيضر والله أعلم.


[١] الأصح ان يقول: ثم رجعوا واستباحوها، أو ثم رجع- ويعني إسماعيل- واستباحها.

<<  <  ج: ص:  >  >>