للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عدوة المغرب فملك بلنسية، ثم أخوه سليمان من طنجة فحاربهما الحكم سنة ثم ظفر بعمّه سليمان فقتله سنة أربع وثمانين. وأقام عبد الله ببلنسية وكفّ عن الفتنة وأرسل الحكم في الصلح على يد يحيى بن يحيى الفقيه وغيره فصالحه سنة ست وثمانين. وفي خلال الفتنة مع عمّيه سليمان وعبد الله اغتنم الفرنج الفرصة واجتمعوا وقصدوا برشلونة فملكوها سنة خمس وثمانين، وتأخرت عساكر المسلمين إلى ما دونها. وبعث الحكم العساكر إلى برشلونة مع الحاجب عبد الكريم بن مغيث إلى بلاد الجلالقة فأثخن فيها وخالفهم العدو إلى المضايق فرجع إلى التعبية وظفر بهم، ورجع إلى بلاد الإسلام ظافرا. وفي سنة إحدى وثمانين ثار البهلول بن مرزوق بناحية الثغر، وملك سرقسطة، وفيها جاء عبد الله البلنسيّ عمّ الحكم كما ذكرناه. وفي هذه السنة خالف عبيدة بن عمير بطليطلة، وكان القائد عمروس بن يوسف من قوّاد الحكم بطلبيرة فكتب إلى هشام بحصارهم فحاصرهم. ثم استمال بني مخشي من أهل طليطلة فقتلوا عبيدة وبعثوا برأسه إلى عمروس فبعث به إلى الحكم، وأنزل بني مخشي عنده فقتلهم البربر بطلبيرة بثأر كاتب لهم، وقتل عمروس والباقين واستقامت تلك الناحية. واستعمل عمروس ابنه يوسف على مدينة طليطلة ولحق بالفرنج سنة تسع وثمانين بعض أهل الحرابة، وأطمعوا الفرنج في ملك طليطلة فزحفوا إليها وملكوها وأسروا أميرها يوسف وحبسوه بصخرة قيسر [١] ، وسار عمروس من فوره إلى سرقسطة ليحميها من العدوّ، وبعث العساكر مع ابن عمّه، فلقي العدوّ وهزمهم وسار إلى صخرة قيسر وقد وهن الفرنج من الهزيمة فافتتحها، وبعث عمروس نائبة وخلّص يوسف وعظم صيته.

[(وقعة الربض)]

كان الحكم في صدر ولايته قد انهمك في لذّاته، واجتمع أهل العلم والورع بقرطبة مثل يحيى بن يحيى الليثي وطالوت الفقيه وغيرهما فثاروا به، وامتنع فخلعوه وبايعوا


[١] هكذا بالأصل وفي الكامل ج ٦ ص ١٨٧: «وكان قد انهزم من الحكم أهل بيت من الأندلس، أولوه قوة وبأس، لأنهم خرجوا عن طاعته، فالتحقوا بالمشركين فقوي أمرهم، واشتدت شوكتهم، وتقدموا الى مدينة تطيلة فحصروها وملكوها من المسلمين فأسروا أميرها يوسف بن عمروس وسجنوه بصخرة قيس.
ابن خلدون م ١١ ج ٤

<<  <  ج: ص:  >  >>