للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محمد بن القاسم من عمومة هشام. وكان بالربض الغربي من قرطبة محلّة متصلة بقصره، وحصروه سنة تسعين ومائة وقاتلهم فغلبهم وافترقوا، وهدم دورهم ومساجدهم ولحقوا بفاس من أرض العدوة، ولحقوا بالإسكندريّة، ونزل بها منهم جمع وثاروا بها، فزحف إليهم عبد الله بن طاهر صاحب مصر وافتتحها وأجازهم إلى جزيرة أقريطش كما مرّ. وكان مقدّمهم أبا حفص عمر البلّوطي، فلم يزل رئيسا عليهم وولده من بعده إلى أن ملكها الفرنج من أيديهم.

[(وقعة الحفرة بطليطلة)]

كان أهل طليطلة يكثرون الخلاف ونفوسهم قويّة لحصانة بلدهم، فكانت طاعتهم ملتانة [١] فأعيا الحكم أمرهم واستقدم عمروس بن يوسف من الثغر، وكان أصله من أهل مدينة وشقة من المولّدين، وكان عاملا عليها فداخله في التدبير على أهل طليطلة، وكتب له بولايتها فأنسوا به واطمأنوا إليه. ثم داخلهم في الخلع وأشار عليهم ببناء مدينة يعتزل فيها مع أصحاب السلطان فوافقوه، وأمضى رأيه في ذلك. ثم بعث صاحب الأعلى [٢] إلى الحكم يستنجده على العدوّ فبعث العساكر مع ابنه عبد الرحمن والوزراء، ومرّوا بطليطلة ولم يعرض عبد الرحمن لدخولها. ثم رجع العدوّ وكفى الله شره، فاعتزم عبد الرحمن على العود إلى قرطبة فأشار عمروس عند ذلك على أهل طليطلة بالخروج إلى عبد الرحمن فخرج إليه الوجوه وأكرمهم، ودسّ خادم الحكم كتابه إلى عمروس بالحيلة على أهل طليطلة، فأشار عليهم عمروس بأن يدخلوا عبد الرحمن البلد، وأنزله بداره واتخذ صنيعا للناس واستعد له [٣] على موعد لذلك فكان يدخلهم من باب ويخرجهم من آخر خشية الزحام فيدخلون إلى حفرة في القصر وتضرب رقابهم عليها إلى أن قتل معظمهم وفطن الباقون فنفروا وحسنت طاعتهم من بعد ذلك، إلى أيام الفتنة كما نذكر، ثم عصى أصبغ بن عبد الله


[١] لعله يعني ملتوية أي غير مرضية.
[٢] هو الثغر الأعلى كما في الكامل.
[٣] بياض بالأصل وفي الكامل ج ٦ ص ٢٠٠: «وأشاع عمروس ان عبد الرحمن يريد ان يتخذ لهم وليمة عظيمة وشرع في الاستعداد لذلك، وواعدهم يوما ذكره» .

<<  <  ج: ص:  >  >>