للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعشرين وثلاثمائة فتلقّب بألقاب الخلفاء، وكان كثير الجهاد بنفسه والغزو إلى دار الحرب إلى أن انهزم عام الخندق سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة ومحص الله المسلمين فقعد عن الغزو بنفسه، وصار يردّد الصوائف في كل سنة، فأوطأ عساكر المسلمين من بلاد الفرنج ما لم يطأه قبل في أيام سلفه، ومدّت إليه أمم النصرانيّة من وراء الدروب يد الإذعان، وأوفدوا إليه رسلهم وهداياهم من رومة والقسطنطينية في سبيل المهادنة والسلم والاحتمال فيما يعنّ من مرضاته. ووصل إلى سدنة ملوك الجلالقة من أهل جزيرة الأندلس المتاخمين لبلاد المسلمين، كجهات قشتالة وينبلونة وما إليها من الثغور الجوفية، فقبّلوا يده والتمسوا رضاه، واحتقبوا جوائزه وامتطوا مركبه. ثم سما إلى ملك العدوة فتناول سبتة من أيدي أهلها سنة سبع عشرة، وأطاعه بنو إدريس أمراء العدوة وملوك زناتة البربر، وأجاز إليه الكثير منهم كما نذكر في أخباره وبدء أمره لأوّل ولايته بتخفيف المغارم عن الرعايا، واستحجب موسى بن محمد بن يحيى، واستوزر عبد الملك بن جهور بن عبد الملك بن جوهر، وأحمد بن عبد الملك بن سعد وأهدى له هديته المشهورة المتعددة الأصناف. ذكرها ابن حيان وغيره، وهي مما نقل من ضخامة الدولة الأموية واتساع أحوالها، وهي خمسمائة ألف مثقال من الذهب العين، وأربعمائة رطل من التبر ومصارفه خمسة وأربعون ألف دينار. ومن سبائك الفضّة مائتا بدرة واثنا عشر رطلا من العود الهندي يختم عليه كالشمع، ومائة وثمانون رطلا من العود الصمغي المتخير، ومائة رطل من العود الشبه المنقّى. ومائة أوقية من المسك الذكي المفضّل في جنسه، وخمسمائة أوقية من العنبر الأشهب المفضّل في جنسه على خليقته من غير صناعة ومنها قطعة ململمة عجيبة الشكل، وزن مائة أوقية، وثلاثمائة أوقية من الكافور المترفّع الذكاء، ومن اللباس ثلاثون شقة من الحرير المختم المرقوم بالذهب للباس الخلفاء، مختلفة الألوان والصنائع، وعشرة أفرية [١] من عالي جلود الفنك الخراسانية، وستة من السرادقات العراقية، وثمان وأربعون من الملاحف البغدادية لزينة الخيل من الحرير والذهب، وثلاثون شقة الغريون من الملاحف لسروج الهبات، وعشرة قناطير من السمور فيها مائة جلد، وأربعة آلاف رطل من الحرير المغزول، وألف رطل من الحرير المنتقى للاستغزال،


[١] ج فرو ابن خلدون م ١٢ ج ٤

<<  <  ج: ص:  >  >>