للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان عنده سفير لابن حفصون فشفع في الشيخ إسحاق وولده أحمد. ثم ملك الناصر إشبيلية من يد ابن مسلمة، فرحل إسحاق إلى قرطبة واستوزره الناصر واستوزر بنيه أحمد وابنه ومحمد وعبد الله ففتحوا الفتوحات، وكفوا المهمات، وعلت مقاديرهم في الدولة. وتوفي أبوهم إسحاق فورثوا مكانه في كل رفيعة. ثم هلك كبيرهم عبد الله وكان مقدمهم عند الناصر، واستوزره ثم اتهمه الناصر بالخلاف وكثرت فيهم السعايات، وصاروا في مجال الظنون فسطا بهم الناصر وغرّبهم في النواحي، فانزوى أمية منهم في تسترين سنة خمس وعشرين وثلاثمائة وخلع الطاعة وقصده الناصر في العساكر فدخل دار الحرب وأجاره رزمير ملك الجلالقة. ثم تغيّر له فجاء إلى الناصر من غير عهد وعفا عنه وبقي في غمار الناس إلى أن هلك. وأمّا أحمد فعزل عن سرقسطة لما نكب أبوه وبقي خاملا مغضيا. ثم تكاثرت السعاية فيه فقتل. وأمّا أحمد فبقي في جملة الناصر حتى إذا تحرّك إلى سرقسطة نمي عنه، ففرّ ولقي في مفرّه جماعة من أهل سرقسطة فقتلوه.

(أخبار الناصر مع الثوّار)

كان أوّل فتحه أبيح له أسجه [١] بعث إليها بدرا مولاه وحاجبه فافتتحها من يد ابن حفصون سنة ثلاثمائة، وغزا في أثرها بنفسه فافتتح أكثر من ثلاثين حصنا من يد ابن حفصون منها البيرة، ودوّخ سائر أقطاره وضيّق مخنقه بالحصار، واستنزل سعيد بن مزيل من حصن المنتلون وحصن سمنان. وفي سنة إحدى وثلاثمائة ملك إشبيلية من يد احمد بن مسلمة كما ذكرناه. ثم سار سنة اثنتين وثلاثمائة في العساكر فنازل حصون ابن حفصون وانتهى إلى الجزيرة الخضراء، وضبط البحر ونظر في أساطيله واستكثر منها، ومنع ابن حفصون من البحر، وسأله في الصلح على لسان يحيى بن إسحاق المرواني فعقد له. ثم أغزى إسحاق بن محمد القرشيّ إلى الثوار بمرسية وبلنسية فأثخن في نواحيها، وفتح أريولة وأغزى بدرا مولاه إلى مدينة ليلة، فاستنزل منها عثمان بن نصر الثائر بها وساقه مقيّدا إلى قرطبة، ثم أغزى إسحاق بن محمد سنة خمس وثلاثمائة مدينة


[١] لعلها استجة: اسم لكورة بالأندلس متصلة بأعمال ريّة بين القبلة والمغرب من قرطبة (معجم البلدان) .

<<  <  ج: ص:  >  >>