للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القومس، ودوّخها وكان شانجة بن رذمير ملك البشكنس قد انتقض، فأغزاه الحكم يحيى بن محمد التجيبي صاحب سرقسطة في العساكر. وجاء ملك الجلالقة لنصره فهزمهم، وامتنعوا في حصونها. وعاث في نواحيها وأغزى الهذيل بن هاشم ومولاه غالبا، فعاثا فيها وقفلا وعظمت فتوحات الحكم وقوّاد الثغور في كل ناحية، وكان من أعظمها فتح قلهرة من بلاد البشكنس على يد غالب، فعمّرها الحكم واعتنى بها. ثم فتح قطريبة على يد قائد وشقة، وغنم ما فيها من الأموال والسلاح والآلات والأقوات. وفي بسيطة من الغنم والبقر والرمك والأطعمة والسبي ما لا يحصى. وفي سنة أربع وخمسين سار غالب إلى بلاد ألبة ومعه يحيى بن محمد التجيبي وقاسم بن مطرف بن ذي النون، فأخذ حصن غرماج، ودوّخ بلادهم وانصرف. وظهرت في هذه السنة مراكب المجوس في البحر الكبير، وأفسدوا بسايط أحشبونة وناشبهم الناس القتال، فرجعوا إلى مراكبهم. وأخرج الحكم القوّاد لاحتراس السواحل، وأمر قائد البحر عبد الرحمن بن رماجس بتعجيل حركة الأسطول. ثم وردت الأخبار بأنّ العساكر نالت منهم من كل جهة من السواحل. ثم كانت وفادة أردون بن أدفونش ملك الجلالقة. وذلك أنّ الناصر لما أعان عليه شانجة بن رذمير وهو ابن عمّه وهو الملك من قبل أردون وحمل النصرانية. واستظهر أردون بصهره فردلند قومس قشتيلية [١] . ثم توقع مظاهرة الحكم لشانجة كما ظاهره أبوه الناصر، فبادر بالوفادة على الحكم مستجيرا به فاحتفل لقدومه، وكان يوما مشهودا وصفه ابن حيان كما وصف أيام الوفادات قبله. ووصل إلى الحكم وأجلسه ووعده بالنصر على عدوه، وخلع عليه لما جاء ملقيا بنفسه، وعاقده على موالاة الإسلام ومقاطعة فردلند القومس، وأعطى على ذلك صفقة يمينه، ورهن ولده غرسية، ودفعت الصلات والحملات له ولأصحابه. وانصرف معه وجوه نصارى الذمّة بقرطبة وليد بن مغيث القاضي، وأصبغ بن عبد الله بن نبيل الجاثليق، وعبد الله بن قاسم مطران طليطلة ليوطئوا له الطاعة عند رسميته، ويقبضوا رهنه، وذلك سنة إحدى وخمسين. وعند ذلك بعث ابن عمّه شانجة بن رذمير ببيعته وطاعته مع قولب من أهل جلّيقة وسمورة وأساقفهم يرغب في قبوله، ويبقى بما فعل أبوه الناصر معه فتقبل بيعتهم على شروط


[١] وهو فردند قومس قشتالة.

<<  <  ج: ص:  >  >>