للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يوسف. ثار العادل ابن أخيه المنصور بمرسية ودخل في طاعة صاحب حيّان أبو محمد عبد الله بن أبي حفص بن عبد المؤمن، وخالفهما في ذلك السيد أبو زيد أخوه ابن محمد بن أبي حفص. وتفاقمت الفتنة واستظهر كل على أمره بالطاغية، ونزلوا له عن كثير من الثغور وقلقت من ذلك ضمائر أهل الأندلس، فتصدّر ابن هود هذا للثورة، وهو من أعقاب بني هود من ملوك الطوائف، وكان يؤمّل لها وربما امتحنه الموحّدون لذلك مرّات، فخرج في نفر من الأجناد سنة خمس وعشرين، وجهّز إليه والي مرسية يومئذ السيد أبو العبّاس بن أبي عمران موسى بن أمير المؤمنين يوسف ابن عبد المؤمن عسكرا فهزمهم. وزحف إلى مرسية فدخلها واعتقل السيد، وخطب للمستنصر صاحب بغداد لذلك العهد من بني العبّاس. وزحف إليه السيد أبو زيد ابن محمد بن أبي حفص بن عبد المؤمن من شاطبة، وكان واليه بها فهزمه ابن هود ورجع إلى شاطبة. واستجاش بالمأمون وهو يومئذ بإشبيليّة بعد أخيه العادل فخرج في العساكر، ولقيه ابن هود فانهزم واتبعه إلى مرسية فحاصره مدّة، وامتنعت عليه فأقلع عنه ورجع إلى إشبيلية. ثم انتقض على السيد أبي زيد ببلنسية زيّان بن أبي الحملات مدافع بن حجّاج بن سعد بن مردنيش، وخرج عنه إلى أبّدة [١] وذلك سنة ست وعشرين. وكان بنو مردنيش هؤلاء أهل عصابة وأولي بأس وقوة، فتوقّع أبو زيد اختلال أمره، وبعث إليه ولاطفه في الرجوع فامتنع فخرج أبو زيد من بلنسية. ولحق بطاغية برشلونة ودخل في دين النصرانية، نعوذ باللَّه. وبايعت أهل شاطبة لابن هود، ثم تابعه أهل جزيرة شقر حملهم عليها ولاتهم بنو عزيز بن يوسف عم زيّان بن مردنيش، ثم بايعه أهل خبيان [٢] وأهل قرطبة، وتسمّى بأمير المسلمين، وبايعه أهل إشبيلية عند رحيل المأمون عنها إلى مراكش، وولّى عليهم أخاه. ونازعه زيّان بن مردنيش، وكانت بينهما ملاقاة انهزم فيها زيّان سنة تسع وعشرين، وحاصره ابن هود ببلنسية. ثم أقلع ولقي الطاغية على ماردة فانهزم ومحص الله المسلمين، وانهزم بعدها أخرى على الكوس. ولم تزل غزواته متردّدة في بلاد العدوّ


[١] أبدة: بالضم ثم الفتح والتشديد: اسم مدينة بالأندلس من كورة جيّان، تعرف بأبدة العرب (معجم البلدان) .
[٢] لعلها جيّان وقد حصل بعض التحريف من الناسخ لأننا لم نعثر على خبيان في المراجع التي بين أيدينا.
وجيّان: مدينة لها كورة واسعة بالأندلس تتصل بكورة البيرة مائلة عنها الى ناحية الجوف في شرقي قرطبة، بينها وبين قرطبة سبعة عشر فرسخا (معجم البلدان) .

<<  <  ج: ص:  >  >>