للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأذن لجيوشه في اللحاق بالقيروان. وكان كسيلة ملك أروبة والبرانس من البربر قد اضطغن عليه بما كان يعامله به من الاحتصار، يقال: إنه كان يحاصره في كل يوم ويأمره بسلخ الغنم إذا ذبحت لمطبخه فانتهز فيه الفرصة، وأرسل البربر فاعترضوا له في تهودا [١] وقتلوه في ثلاثمائة من كبار الصحابة والتابعين، واستشهدوا كلهم وأسر في تلك الوقعة محمد بن أوس الأنصاري في نفر فخلصهم صاحب قفصة، وبعث بهم إلى القيروان مع من كان بها من المخلفين والذراري. ورجع زهير بن قيس إلى القيروان واعتزم على القتال وخالفه حنش بن عبد الله الصنعاني وارتحل إلى مصر واتبعه الناس فاضطر زهير إلى الخروج معهم، وانتهى إلى برقة فأقام بها مرابطا، واستأمن من كان بالقيروان إلى كسيلة فأمنهم ودخل القيروان وأقاموا في عهده.

[(زهير بن قيس البلوي)]

ولما ولي عبد الملك بن مروان بعث إلى زهير بن قيس بمكانه من برقة بالمدد، وولّاه حرب البرابرة فزحف سنة سبع وستين ودخل إفريقية ولقيه كسيلة على ميس من نواحي القيروان فهزمه زهير بعد حروب صعبة، وقتله واستلحم في الوقعة كثير من أشراف البربر ورجالاتهم. ثم قفل زهير إلى المشرق زاهدا في الملك، وقال: إنما جئت للجهاد وأخاف أن نفسي تميل إلى الدنيا، وسار إلى مصر واعترضه بسواحل برقة أسطول صاحب قسطنطينية، جاءوا لقتاله فقاتلهم واستشهد رحمه الله تعالى.

[(حسان بن النعمان الغساني)]

ثم إن عبد الملك بن مروان بعد أن قتل عبد الله بن الزبير وصفا له الأمر، أمر حسان ابن النعمان الغساني بغزو إفريقية، وأمده بالعساكر، ودخل القيروان وافتتح قرطاجنة عنوة وخربها، وفر من كان بها من الروم والفرنجة إلى صقلّيّة والأندلس. ثم اجتمعوا


[١] تهوذة: بالفتح ثم الضم وسكون الواو والذال معجمة: اسم لقبيلة من البربر بناحية افريقية، لهم ارض تعرف بهم (معجم البلدان) .

<<  <  ج: ص:  >  >>