للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وزداجة ومنعوا الرهن، وفعلت مثل ذلك هوارة، ثم لواتة، وقتل ابن قهرب في حروبهم فسرح إبراهيم ابنه أبا العباس عبد الله إليهم في العساكر سنة تسع وستين فأثخن فيهم. وفي سنة ثمانين كثر الخوارج وفرّق العساكر إليهم فاستقاموا، واستركب العبيد السودان واستكثر منهم فبلغوا ثلاثة آلاف. وفي سنة إحدى وثمانين انتقل إلى سكنى تونس واتخذ بها القصور، ثم تحرك إلى مصر سنة ثلاث وثمانين لمحاربة ابن طولون، واعترضته نفوسة فهزمهم وأثخن فيهم. ثم انتهى إلى سرت فانفضت عنه الحشود فرجع، وبعث ابنه أبا العباس عبد الله على صقلّيّة سنة سبع وثمانين فوصل إليها في مائة وستين مركبا. وحصر طرابة وانتقض عليه بليرم وأهل كبركيت، وكانت بينهم فتنة فأغراه كل واحد منهم بالآخرين. ثم اجتمعوا لحربه وزحف إليه أهل بليرم [١] في البحر فهزمهم واستباحهم، وبعث جماعة من وجوهها إلى أبيه، وفرّ آخرون من أعيانهم إلى القسطنطينية وآخرون إلى طرميس فاتبعهم وعاث في نواحيها. ثم حاصر أهل قطانية فامتنعوا عليه فأعرض عن قتال المسلمين. وتجهز سنة ثمان وثمانين للغزو فغزا دمقش [٢] ثم مسيني [٣] . ثم جاء في البحر إلى ربو [٤] ففتحها عنوة وشحن مراكبه بغنائمها، ورجع إلى مسيني فهدم سورها، وجاء مدد القسطنطينية في المراكب فهزمهم وأخذ لهم ثلاثين مركبا. ثم أجاز إلى عدوة الروم وأوقع بأمم الفرنجة من وراء البحر. ورجع إلى صقلّيّة. وجاء في هذه السنة رسول المعتضد بعزل الأمير إبراهيم لشكوى أهل تونس به، فاستقدم ابنه أبا العباس من صقلّيّة وارتحل هو إليها مظهرا لغربة الانتجاع. هكذا قال ابن الرقيق. وذكر أنه كان جائرا ظلوما سفّاكا للدماء، وأنه أصابه آخر عمره ماليخوليا أسرف بسببها في القتل، فقتل من خدمه ونسائه وبناته ما لا يحصى. وقتل ابنه أبا الأغلب لظن ظنه به. وافتقد ذات يوم منديلا لشرابه، فقتل بسببه ثلاثمائة خادم. وأمّا ابن الأثير فأثنى عليه بالعقل والعدل


[١] بليرم: هي بلرم: وهي أعظم مدينة في جزيرة صقلّيّة في بحر المغرب على شاطئ البحر (معجم البلدان) وهي اليوم عاصمة صقلّيّة.
[٢] دمقش: من قرى مصر في الغربية.
[٣] مسيني: بليدة على ساحل جزيرة صقلّيّة مما يلي الروم مقابل ريو، وهو بلد في بر القسطنطينية، الواقف في مسيني يرى من في ريو (معجم البلدان) .
[٤] هي ريو وليس ربو- هي مدينة للروم مقابل جزيرة صقلّيّة من ناحية الشرق على بر القسطنطينية.
(معجم البلدان) .

<<  <  ج: ص:  >  >>