للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في قضيّة الإمام يوم السّقيفة دون غيره ومنها قوله «من يبايعني على روحه وهو وصيّ ووليّ هذا الأمر من بعدي» فلم يبايعه إلّا عليّ.

ومن الخفيّ عندهم بعث النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم عليّا لقراءة سورة براءة في الموسم حين أنزلت فإنّه بعث بها أوّلا، أبا بكر ثمّ أوحي إليه ليبلّغه رجل منك أو من قومك فبعث عليّا ليكون القارئ المبلّغ قالوا: وهذا يدلّ على تقديم عليّ. وأيضا فلم يعرف أنّه قدّم أحدا على عليّ. وأمّا أبو بكر وعمر فقدّم عليهما في غزاتين [١] أسامة بن زيد مرّة وعمر بن العاص أخرى وهذه كلّها أدلّة شاهدة بتعيين عليّ للخلافة دون غيره فمنها ما هو غير معروف ومنها ما هو بعيد عن تأويلهم ثمّ منهم من يرى أنّ هذه النّصوص تدلّ على تعيين عليّ وتشخيصه. وكذلك تنتقل منه إلى من بعده وهؤلاء هم الإماميّة ويتبرّءون من الشّيخين حيث لم يقدّموا عليّا ويبايعوه بمقتضى هذه النّصوص ويغمصون [٢] في إمامتهما. ولا يلتفت إلى نقل القدح فيهما من غلاتهم فهو مردود عندنا وعندهم ومنهم من يقول إنّ هذه الأدلّة إنّما اقتضت تعيين عليّ بالوصف لا بالشّخص والنّاس مقصّرون حيث لم يضعوا الوصف موضعه وهؤلاء هم الزّيديّة ولا يتبرّءون من الشّيخين ولا يغمصون في إمامتهما مع قولهم بأنّ عليّا أفضل منهما لكنّهم يجوّزون إمامة المفضول مع وجود الأفضل.

ثمّ اختلفت نقول هؤلاء الشّيعة في مساق الخلافة بعد عليّ فمنهم من ساقها في ولد فاطمة بالنّصّ عليهم واحدا بعد واحد على ما يذكر بعد وهؤلاء يسمّون الإماميّة نسبة إلى مقالتهم باشتراط معرفة الإمام وتعيينه في الإيمان وهي أصل عندهم ومنهم من ساقها في ولد فاطمة لكن بالاختيار من الشّيوخ ويشترط أن يكون الإمام منهم عالما زاهدا جوادا شجاعا ويخرج داعيا إلى إمامته وهؤلاء هم


[١] كذا في جميع النسخ والأصح أن يقول غزوتين. مثنى غزوة.
[٢] غمص عليه قوله: كذب عليه كلامه، عابه عليه. وغمصه: حقره واستصغره (قاموس) .

<<  <  ج: ص:  >  >>