للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بلد ابن مروان لحصارها، ففارقه بهاء الدولة منصور بن مزيد وابنه سيف الدولة صدقة إلى العراق، وسار ابن جهير إلى خلاط وكان السلطان ملك شاه لما بلغه انحصار مسلم بن قريش بآمد، بعث عميد الدولة آقسنقر جدّ الملك العادل محمود في عساكر الترك، ولقيهم الأمير أرتق في طريقهم سائرا إلى العراق فعاد معهم وجاءوا إلى الموصل فملكوها، وسار السلطان في عساكره إلى بلاد مسلم بن قريش وانتهى إلى البواريح، وقد خلص مسلم بن قريش من الحصار بآمد، ووصل إلى الرّحبة، وقد ملكت عليه الموصل، وذهبت أمواله فراسل مؤيد الملك بن نظام الملك فتوسّل به فتقبل وسيلته وأذن له في الوصول الى السلطان بعد أن أعطاه من العهد ما رضي به.

وسار مسلم بن قريش من الرّحبة فأحضره مؤيّد الملك عند السلطان، وقدّم هديّة فاخرة من الخيل وغيرها، ومن جملتها فرسه الّذي نجا عليه، وكان لا يجارى فوقع من السلطان موقعا وصالحه وأقرّه على بلاده فرجع إلى الموصل وعاد السلطان إلى ما كان بسبيله.

[(مقتل مسلم بن قريش وولاية ابنه إبراهيم)]

قد قدّمنا ذكر قطلمش قريب السلطان طغرلبك، وكان سار إلى بلاد الروم فملكها، واستولى على قونية وأقصراي، ومات فملك مكانه ابنه سليمان، وسار إلى أنطاكية سنة سبع وسبعين وأربعمائة، وأخذها من يد الروم كما نذكر في أخباره. وكان لشرف الدولة مسلم بن قريش بأنطاكيّة جزية يؤدّيها إليه صاحبها الفردروس [١] من زعماء الروم، فلمّا ملكها سليمان بن قطلمش بعث إليه يطالبه بتلك الجزية، ويخوّفه معصية السلطان فأجابه بأني على طاعة السلطان وأمري فيها غير خفي، وأمّا الجزية فكانت مضروبة على قوم كفّار يعطونها عن رءوسهم، وقد أدال الله منهم بالمسلمين ولا جزية عليهم فسار شرف الدولة، ونهب جهات انطاكية. وسار سليمان فنهب جهات حلب وشكت إليه الرعايا فردّ عليهم. ثم جمع شرف الدولة جموع العرب وجموع التركمان مع أميرهم جقّ، وسار إلى أنطاكية فسار سليمان للقائه والتقيا في أعمال أنطاكية في صفر سنة ثمان وسبعين وأربعمائة. ولما التقوا مال الأمير جقّ بمن


[١] اسمه الحقيقي الكسندروس.

<<  <  ج: ص:  >  >>