للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وموافقته. فلما صفا الأمر لمحمد رغب إليه صدقة في إبقائه فابقاه. وبعث السلطان محمد عاملا على خاصة البصرة فمنعه إسماعيل، فأمر السلطان صدقة بأخذ البصرة منه. وأظهر منكبرس الخلاف فشغلوا عن البصرة، وبعث إليه صدقة بتسليم الشرطة إلى مهذب الدولة بن أبي الخير فمنع من ذلك، فسار صدقة إليه، وحصن إسماعيل القلاع التي استجدها حوالي البصرة، واعتقل وجوه البلد من العباسيين والعلويين، والقاضي والمدرس والأعيان، وحاصرها صدقة وخرج إسماعيل لقتاله، وخالفه طائفة من أصحاب صدقة إلى مكان آخر من البلد فاقتحموها، وانهزم إسماعيل إلى قلعة الجزيرة فامتنع بها، ونهبت البلد. وانحدر المهذب بن أبي الخير في السفن فأخذ القلعة التي كانت لإسماعيل بمطارا. ثم استأمن إسماعيل إلى صدقة فأمنه. وجاء صدقة فأمن أهل البصرة ورتب عندهم شحنة، وعاد إلى الحلة منتصف تسع وتسعين وأربعمائة لستة عشر يوما من مقامه بالبصرة. وسار إسماعيل نحو فارس فطرقه المرض في رامهرمز ومات وكان صدقة قد استعمل على البصرة مملوك جده دبيس، واسمه اليونشاش ورتب معه مائة وعشرين فارسا، فاجتمعت ربيعة والمتقن [١] وقصدوا البصرة فدخلوها بالسيف، وأسروا اليونشاش وأقاموا بها شهرا ينهبون ويخربون، وبعث صدقة عسكرا فوصل بعد خروجهم من البلد فانتزع السلطان البصرة من صدقة وبعث إليها شحنة وعميدا واستقام أمرها.

[(استيلاء صدقة على تكريت)]

كانت تكريت لبني معن من بني عقيل، وكانت إلى آخر سبع وعشرين وأربعمائة بيد رافع بن الحسين بن معن، فلما مات وليها ابن أخيه أبو منعة بن ثعلب بن حماد [٢] ووجد بها خمسمائة ألف دينار. وتوفي سنة خمس وثلاثين، ووليها ابنه أبو غشام إلى سنة أربع وأربعين فوثب عليه أخوه عيسى فحبسه وملك القلعة والأموال. فلما اجتاز به طغرلبك سنة ثمان وأربعين صالحه على بعض المال فرحل عنه، ومات عيسى إثر


[١] الصحيح المنتفق وما يزال هذا الاسم يطلق على مدينة الناصرية وعشائرها في جنوب العراق بين الديوانية والبصرة.
[٢] هو ابو منعة خميس بن تغلب بن حماد: ابن الأثير ج ١٠ ص ٤١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>