للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثمان وخمسين وثلاثمائة وقتل أبا الفوارس، وبعث بضائعهم وأموالهم إلى القيروان صحبة الوفد من مشيخة مصر وقضاتها وعلمائها، وانقرضت دولة بن طغج، وأذّن سنة تسع وخمسين في جامع ابن طولون بحيّ على خير العمل. وتحوّلت الدعوة بمصر للعلويّة، واختطّ جوهر مدينة القاهرة في موضع العسكر. وسيّر جعفر بن فلاح الكتامي إلى الشام فغلب القرامطة عليه كما تقدّم ذلك في أخبارهم.

[(الخبر عن دولة بني مروان بديار بكر بعد بني حمدان ومبادي أمورهم وتصاريف أحوالهم)]

كان حق هذه الدولة أن نصل ذكرها بدولة بني حمدان كما فعلنا في دولة بني المقلّد بالموصل، وبني صالح بن مرداس بحلب، لأنّ هذه الدول الثلاث إنما نشأت وتفرّعت عن دولتهم، إلا أنّ بني مروان هؤلاء ليسوا من العرب، وإنما هم من الأكراد فأخّرنا دولتهم حتى ننسقها مع العجم. ثم أخّرناها عن دولة بني طولون لأنّ دولة بني طولون متقدّمة عنها في الزمن بكثير. فلنشرع الآن في الخبر عن دولة بني مروان وقد كان تقدّم لنا خبر باد الكردي واسمه الحسين بن دوشك، وكنيته أبو عبد الله وقيل كنيته أبو شجاع، وأنه خال أبي عليّ بن مروان الكردي، وأنه تغلّب على الموصل وعلى ديار بكر، ونازع فيها الديلم ثم غلبوه عليها وأقام بجبال الأكراد. ثم مات عضد الدولة وشرف الدولة. ثم جاء أبو طاهر إبراهيم وأبو عبد الله الحسن إلى الموصل فملكاها. ثم حدثت الفتنة بينهما وبين الديلم وطمع باد في ملك الموصل، وهو بديار بكر فسار إلى الموصل فغلبه ابنا ناصر الدولة، وقتل في المعركة، وقد مرّ الخبر عن ذلك كله. فلما قتل خلص ابن أخته أبو علي بن مروان من المعركة، ولحق بحصن كيفا، وبه أهل باد وذخيرته، وهو من أمنع المعاقل فتحيل في دخوله بأنّ خاله أرسله، واستولى عليه وتزوّج امرأة خاله. ثم سار في ديار بكر فملك جميع ما كان لخاله باد. وزحف إليه ابنا حمدان وهو يحاصر ميّافارقين فهزمهما. ثم رجعا إليه وهو يحاصر آمد فهزمهما ثانيا، وانقرض أمرهما من الموصل، وملك أبو علي بن مروان ديار بكر وضبطها، واستطال عليه أهل ميّافارقين، وكان شيخها أبو الأصغر فتركهم يوم العيد حتى اصحروا وكبسهم بالصحراء، وأخذ أبا الأصغر فألقاه من السور،

<<  <  ج: ص:  >  >>