للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عالية منيعة، وحاصره بها حتى لاذ بالطاعة. وبذل مائة ألف دينار فأفرج عنه وسار إلى الهند فتوغّل فيها، وانتهى في اثني عشر ألف فارس وثلاثين ألف راجل، فاختار محمود من عساكره خمسة عشر ألفا، وسار لقتال جميال [١] فهزمه وأسره في بنيه وحفدته وكثير من قرابته. ووجد في سلبه مقلد من فصوص يساوي مائة ألف دينار وأمثال ذلك، فوزّعها على أصحابه، وكان الأسرى والسبي خمسمائة ألف رأس وذلك سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة وفتح من بلاد الهند بلادا أوسع من بلاد خراسان. ثم فادى جميال ملك الهند نفسه بخمسين رأسا من الفيلة ارتهن فيها ابنه وحافده وخرج إلى بلده، فبعث إلى ابنه أندبال وشاهينة وراء سيجور فأعطوه تلك الفيلة، وسار لا يعود له ملك [٢] ، وسار السلطان محمود الى ويهند فحاصرها وافتتحها، وبعث العساكر لتدويخ نواحيها فأثخنوا في القتل في أوباش كانوا مجتمعين للفساد مستترين بخمر الغياض فاستلحموهم. ورجع السلطان محمود الى غزنة وكان خلف بن أحمد عند منصرف السلطان عنه أظهر النسك، وولّى ابنه طاهرا على سجستان، فلما طالت غيبة السلطان أراد الرجوع إلى ملكه فلم يمكّنه ابنه، فتمارض وبعث إليه بالحضور للوصيّة والاطلاع على خبايا الذخيرة، فلما حضر اعتقله ثم قتله كما مرّ. وبلغت ضمائر [٣] قوّاده لذلك، وخافوه، وبعثوا للسلطان محمود بطاعتهم ما بقيت له الدعوة في سجستان سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة وسار السلطان محمود إلى خلف فامتنع منه في معقلة بحصن الطاق، وهو في رأس شاهق تحيط به سبعة أسوار عالية، ويحيط به خندق بعيد المهوى، وطريقه واحدة على جسر، فجثم عليه أشهرا. ثم فرض على أهل العسكر قطع الشجر التي تليه وطمّ بها الخندق، وزحف إليه وقدّم الفيول بين يديه على تعبيتها فحطم الفيل الأعظم على باب الحصن فقلعه ورمى به، وفشا القتل في أصحاب خلف وتماسكوا داخل الباب يتناضلون بأحجار المجانيق والسهام والحراب، فرأى خلف هول المطلع فأثاب [٤] واستأمن، وخرج إلى السلطان وأعطاه كثيرا من الذخيرة، فرفع من قدره وخيّره في مقاماته فاختار الجوزجان فأذن له في


[١] جيبال: ابن الأثير ج ٩ ص ١٦٩.
[٢] من عادة الهند انه من وقع أسيرا في ايدي المسلمين لا ينعقد له لواء بعد ذلك.
[٣] اي جزعت نفوس قواده.
[٤] لا معنى لها ولعلها أناب أي تاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>