للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فبعث السلطان إلى أندبال ملك الهند في أن يبيح له العبور إلى بلاده لغزو الملتان فأبى، فبدأ بجهاده، وسار في بلاده ودوّخها وفرّ أندبال بين يديه، وهو في طلبه إلى أن بلغ كشمير. ونقل أبو الفتوح أمواله على الفيول إلى سرنديب، وترك الملتان فقصدها السلطان، وامتنع أهلها فحاصرهم حتى افتتحها عنوة، وأغرمهم عشرين ألف ألف درهم عقوبة لهم على عصيانهم. ثم سار إلى كوكبر واسم صاحبها بيدا، وكان بها ستمائة صنم فافتتحها وأحرق أصنامها. وهرب صاحبها إلى قلعته وهي كاليجار وهو حصن كبير يسع خمسمائة ألف إنسان، وفيه خمسمائة وعشرون ألف راية، وهو مشحون بالأقوات والمسالك إليه متعذرة بخمر الشجر، وملتف الغياض، فأمر بقطع الأشجار حتى اتضحت المسالك. واعترضه دون الحصن واد بعيد المهوى، فطمّ منه عشرين ذراعا بالأجربة المحشوة بالتراب، وصيّره جسرا، ومضى منه إلى القلعة، وحاصرها ثلاثة وأربعين يوما حتى جنح صاحبها إلى السلم.

وبلغ السلطان أن ايلك خان مجمع غزو خراسان، فصالح ملك الهند على خمسين فيلا، وثلاثة آلاف من الفضة، وخلع عليه السلطان فلبس خلعته وشدّ منطقته. ثم قطع خلعته وأنفذها إلى السلطان، وتبعه بما عقد معه وعاد السلطان إلى خراسان بعد أن كان عازما على التوغّل في بلاد الهند.

(مسير ايلك خان الى خراسان وهزيمته)

كان السلطان محمود لما ملك ايلك خان بخارى كما مرّ، وكتب إليه مهنيا، وتردّد السفراء بينهما في الوصلة، وأوفد عليه سهل بن محمد بن سليمان الصعلوكي إمام الحديث، ومعه طغان جقّ والي سرخس في خطبة كريمته بهدية فاخرة من سبائك العقيان واليواقيت والدرّ والمرجان والوشي والحمر، وصواني الذهب مملوءة بالعنبر والكافور والعود والنصول، وأمامه الفيول تحت الخروج المغشّاة، فقوبلت الهدية بالقبول، والوافد بالتعظيم له ولمن أرسله، وزفّت المخطوبة بالهدايا والألطاف، واتحدت الحال بين السلطانين. ولم يزل السعاة يغرون ما بينهما حتى فسد ما بينهما، فلما سار السلطان محمود إلى الملتان اغتنم ايلك خان الفرصة، وبعث سباسي تكين قريبه وقائد جيشه إلى خراسان، وبعث معه أخاه جعفر تكين وذلك سنة تسعين وثلاثمائة فملك

<<  <  ج: ص:  >  >>