للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السعيد نصر بن سامان، فسار لمدافعة مرداويج عن جرجان، وكاتب محمد بن عبد الله البلغمي من قوّاد ابن سامان مطرّف بن محمد وزير مرداويج واستماله. وشعر بذلك فقتل وزيره وبعث إليه البلغمي يعذله في قصد جرجان، ويطوّق ذلك بالوزير مطرّف، ويذكّره حقوق السعيد بن سامان قبله وقصور قدرته عنه، ويشير عليه بالنزول له عن جرجان وتقرير المال عليه بالريّ، فقبل مرداويج إشارته وعاد عن جرجان وانتظم الحال بينهما.

[(بداية أمر بني بويه)]

وكانوا إخوة ثلاثة أكبرهم عماد الدولة أبو الحسن علي، وركن الدولة الحسن، ومعزّ الدولة أبو الحسن أحمد. لقّبهم بهذه الألقاب الخلفاء عند ما ملكوا الأعمال، وقلّدوهم إيّاها على ما نذكر بعد. وهم الذين تولّوا حجر الخلفاء بعد ذلك ببغداد كما يأتي. وأبوهم أبو شجاع بويه بن قناخس وللناس في نسبهم خلاف، فأبو نصر بن ماكولا ينسبهم إلى كوهي بن شيرزيك الأصغر ابن شير كوه بن شيرزيك الأكبر ابن سران شاه بن سيرقند بن سيسان شاه بن سير بن فيروز بن شروزيل بن سنساد بن هراهم جور، وبقيّة النسب مذكور في ملوك الفرس. وابن مسكويه قال: يزعمون أنهم من ولد يزدجرد بن شهريار آخر ملوك الفرس. والحق أنّ هذا النسب مصنوع تقرّب إليهم به من لا يعرف طبائع الأنساب في الوجود، ولو كان نسبهم ذا خلل في الديلم لم تكن لهم تلك الرئاسة عليهم، وإن كانت الأنساب قد تتغيّر وتخفى وتنتقل من شعب إلى شعب ومن قوم إلى قوم فإنما هو بطول الأعصار وتناقل الأجيال واندراس الأزمان والأحقاب. وأمّا هؤلاء فلم يكن بينهم وبين يزدجرد وانقطاع الملك من الفرس إلا ثلاثمائة سنة، فيها سبعة أجيال أو ثمانية أجيال ميّزت فيها أنسابهم وأحصيت أعقابهم. فكيف يدرك مثل هذه الأنساب الخفاء في مثل هذه الاعصار. وإن قلنا كان نسبهم إلى الفرس ظاهرا منع ذلك من رياستهم على الديلم فلا شك في هذه التقادير في ضعة هذا النسب والله أعلم. وأمّا بدايتهم فإنّهم كانوا من أوسط الديلم نسبا وحالا. وفي أخبارهم أنّ أباهم أبا شجاع كان فقيرا، وأنه رأى في

<<  <  ج: ص:  >  >>