للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فولّاه على تكريت من قبله وبدعوته، وبعث نيال كوشه إلى معزّ الدولة وقام بدعوته.

واستدعاه لملك بغداد فزحف إليها في عساكر الديلم، ولقيه ابن شيرزاد والأكراد فهزمهم، ولحقوا بالموصل وأخفي المستكفي وقدّم معز الدولة كاتبه الحسن بن محمد المهلّبيّ إلى بغداد فدخلها، وظهر الخليفة من الاختفاء، وحضر عند المهلّبيّ فبايع له عن معزّ الدولة أحمد بن بويه، وعن أخويه عماد الدولة وركن الدولة الحسن.

وولّاهم المستكفي على أعمالهم ولقّبهم بهذه الألقاب ورسمها على سكّته. ثم جاء معزّ الدولة إلى بغداد فملكها وصرف الخليفة في حكمه، واختصّ باسم السلطان، وبعث إليه أبو القاسم البريدي صاحب البصرة فضمن واسط وأعمالها وعقد له عليها.

[(خلع المستكفي وبيعة المطيع وما حدث في الجباية والاقطاع)]

وبعد أشهر قلائل من استيلاء معزّ الدولة على بغداد نمي إليه أن المستكفي يريد الادالة منه فتنكّر له، وأجلسه في يوم مشهود للقاء وافد من أصحاب خراسان، وحضر معزّ الدولة في قومه وعشيرته، وأمر رجلين من نقباء الديلم بالفتك بالخليفة، فتقدّما ووصلاه ليقبّلا يد المستكفي، ثم جذباه عن سريره وقاداه ماشيا واعتقلاه بداره، وذلك في منتصف أربع وثلاثين وثلاثمائة فاضطرب الناس وعظم النهب، ونهبت دار الخلافة. وبايع معزّ الدولة للفضل بن المقتدر ولقبه المطيع للَّه، وأحضر المستكفي فأشهد على نفسه بالخلع، وسلّم على المطيع بالخلافة، وسلب الخليفة من معاني الأمر والنهي وصيّرت الوزارة إلى معزّ الدولة يولى فيها من يرى. وصار وزير الخليفة مقصور النظر على إقطاعه ومقتات داره، وتسلّم عمّال معز الدولة وجنده من الديلم وغيرهم أعمال العراق وأراضيه ولاية وإقطاعا حتى كان الخليفة يتناول الإقطاع بمراسم معزّ الدولة، وإنما ينفرد بالسرير والمنبر والسكّة والختم على الرسائل والصكوك، والجلوس للوفد وإجلال التحيّة والخطاب، ومع ذلك بأوضاع القائم على الدولة وترتيبه، وكان القائم منهم على الدولة تفرّد في دولة بني بويه والسلجوقيّة بلقب السلطان ولا يشاركه فيه غيره، ومعاني الملك من القدرة والأبهة والعزّ وتصريف الأمر والنهي حاصل للسلطان دون الخليفة. وكانت الخلافة حاصلة للعبّاسي

<<  <  ج: ص:  >  >>