للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المنصوب لفظا مسلوبة عنه معنى. ثم طلب الجند أرزاقهم بأكثر من العادة لتجدّد الدولة فاضطر إلى ضرب المكوس، ومدّ الأيدي إلى أموال الناس، وأقطعت جميع القرى والضياع للجند، فارتفعت أيدي العمّال وبطلت الدواوين لأنّ ماكان منها بأيدي الرؤساء لا يقدرون على النظر فيها، وماكان بأيدي الأتباع خرّب بالظلم والمصادرات والحيف في الجباية وإهمال النظر في إصلاح القناطر وتعديل المشارب، وما خرّب منها عوّض صاحبه عنه بآخر، فيخرّبه كما يخرّب الآخر. ثم إنّ معزّ الدولة أفرد جمعها من المكوس والظلامات وعجز السلطان عن ذخيرة يعدّها لنوائبه. ثم استكثر من الموالي ليعتزّ بهم على قومه، وفرض لهم الأرزاق والأقطاع فحدثت غيرة قومه من ذلك، وآل الأمر إلى المنافرة كما هو الشأن في الدول.

[(مسير ابن حمدان إلى بغداد وانهزامه أمام معز الدولة)]

ولما بلغ استيلاء معزّ الدولة على بغداد، وخلعه المستكفي إلى ناصر الدولة بن حمدان امتعض لذلك وسار من الموصل إلى بغداد في شعبان سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة فقدّم معز الدولة عساكره فأوقع بها ابن حمدان بعكبرا. ثم سار معزّ الدولة ومعه المطيع إلى مدافعته ولحق به ابن شيرزاد فاستحثّه إلى بغداد سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة وخالفه معزّ الدولة إلى تكريت ونهبها، وتسابقوا جميعا إلى بغداد، فنزل معزّ الدولة والمطيع بالجانب الشرقي وابن حمدان بالجانب الغربي، فقطع الميرة عن معسكر معزّ الدولة فغلت الأسعار وعزّت الأقوات. ونهب عسكره مرارا فضاق به الأمر واعتزم على العود إلى الأهواز فأمر وزيره أبا جعفر الصيمريّ بالعبور في العساكر لقتال ابن حمدان فظفر به الصيمريّ وغنم الديلم أموالهم وظهرهم. ثم أمّن معز الدولة الناس وأعاد المطيع إلى داره في محرّم سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة ورجع ابن حمدان إلى عكبرا، وأرسل في الصلح سرا فنكر عليه الأتراك التورونية وهمّوا بقتله، وفرّ إلى الموصل ومعه ابن شيرزاد، ثم صالحه معز الدولة كما طلب. ولما فرّ عن الأتراك التورونية أعلمهم تكين الشيرازي فقبضوا على من تخلّف من أصحابه، وساروا في اتباعه وقبض هو في طريقه على ابن شيرزاد، وتجاوز الموصل إلى نصيبين فملكها تكين، وسار في اتباعه

<<  <  ج: ص:  >  >>