للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيصالح كرها فأعرض عنهم، وركب صمصام الدولة إلى أخيه مشرف الدولة في خواصّه فتلقّاه بالمبرة. ثم قبض عليه وسار إلى بغداد فدخلها في رمضان سنة ست وسبعين وثلاثمائة وأخوه صمصام الدولة في اعتقاله بعد أربع سنين من إمارته بالعراق.

[(أخبار مشرف الدولة في بغداد مع جنده ووزرائه)]

لما دخل مشرف الدولة بغداد كان الديلم معه في قوّة وعدد، تنتهي عدّتهم الى خمسة عشر ألفا، والأتراك لا يزيدون على ثلاثة آلاف، فاستطال الديلم بذلك وجرت بين اتباعهم لأوّل دخولهم بغداد مصاولة آلت إلى الحرب بين الفريقين، فاستظهر الديلم على الترك وتنادوا بإعادة صمصام الدولة إلى ملكه، فارتاب بهم مشرف الدولة ووكّل بصمصام الدولة من يقتله إن همّوا بذلك. ثم أتيحت الكرة للأتراك على الديلم وفتكوا فيهم، وافترقوا واعتصهم بعضهم بمشرف الدولة. ثم دخل من الغد إلى بغداد فتقبّله الطائع وهنّأه بالسلامة. ثم أصلح بين الطائفتين واستحلفهم جميعا، وحمل صمصام الدولة إلى قلعة ورد بفارس فاعتقل بها، وكان نحرير الخادم يشير بقتله فلا يجيبه أحد، واعتقل سنة تسع وسبعين وثلاثمائة وأشرف على الهلاك، ثم أشار نحرير في قتله أو سمله، فبعث لذلك من يثق به فلم يقدم على سمله حتى استشار ابا القاسم بن الحسن الناظر هناك فأشار به فسمله. وكان صمصام الدولة يقول: إنما أعماني العلاء لأنه في معنى حكم سلطان ميت [١] . ولما فرغ مشرف الدولة من فتنة الجند صرف نظره إلى تهذيب ملكه، فردّ على الشريف محمد بن عمر الكوفي جميع أملاكه، وكانت تغلّ في كل سنة ألفي ألف وخمسمائة ألف درهم، وردّ على النقيب أبي أحمد والد الرضي جميع أملاكه. وأقرّ الناس على مراتبهم، وكان قبض على وزيره أبي محمد بن فسانجس وأفرج عن أبي منصور الصاحب، واستوزره فأقرّه على وزارته ببغداد. وكان قراتكين قد أفرط في الدولة والضرب على أيدي الحكّام فرأى أن يخرجه الى بعض الوجوه، وكان حنقا على بدر بن حسنويه لميله مع عمّه فخر الدولة، فبعثه إليه في العساكر سنة سبع وسبعين وثلاثمائة فهزمهم بدر بوادي


[١] وفي الكامل ج ٩ ص ٦١: «ما أعماني إلا العلاء لأنه أمضى في حكم سلطان قد مات» .

<<  <  ج: ص:  >  >>