للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذي الحجّة من السنة، وبعث العساكر من بغداد لقتال أبي الشوك حتى استقام.

وكانت الفتنة قد وقعت بين بدر بن حسنويه وابنه هلال، واستنجد بدر ببهاء الدولة فأنجده [١] من يده وأخذ ما فيها من الأموال، وفتح دير العاقول، وجاء سلطان وعلوان ورجب بنو ثمال الخفاجي في أعيان قومهم، وضمنوا حماية سقي الفرات من بني عقيل، وساروا معه إلى بغداد فبعثهم مع ذي السعادتين الحسن بن منصور للأنبار فعاثوا في نواحيها، وحبس ذو السعادتين نفرا منهم. ثم أطلقهم فهمّوا بقبضه، وشعر بهم فحاول عليهم حتى قبض على سلطان منهم وحبسهم ببغداد. ثم شفع فيهم أبو الحسن بن مزيد فأطلقهم، فاعترضوا الحاج سنة اثنتين وأربعمائة ونهبوهم فبعث فخر الملك إلى أبي الحسن بن مزيد بالانتقام منهم، فلحقهم بالبصرة فأوقع بهم وأثخن فيهم، واستردّ من أموال الحاج ما وجد وبعث به وبالأسرى إلى فخر الملك. ثم اعترضوا الحاج مرّة أخرى ونهبوا سواد الكوفة فأوقع بهم أبو الحسن بن مزيد مثل ذلك، وبعث بأسراهم إلى بغداد.


[١] هكذا بياض بالأصل في الكامل ج ٩ ص ٢١٥: «وأرسل بدر الى الملك بهاء الدولة يستنجده، مجهّز فخر الملك أبا غالب في جيش، وسيّره الى بدر، فسار حتى وصل الى سابور خواست، فقال هلال لأبي عيسى شاذي: قد جاءت عساكر بهاء الدولة، فما الرأي؟ قال: الرأي أن تتوقف عن لقائهم، وتبذل لبهاء الدولة الطاعة، وترضيه بالمال، فإن لم يجيبوك فضيّق عليهم، وانصرف بين أيديهم، فإنّهم لا يستطيعون المطاولة، ولا تظنّ هذا العسكر كمن لقيته بباب نهاوند، فإنّ أولئك ذلّلهم أبوك على ممرّ السنين.
فقال: غششتني ولم تنصحني، وأردت بالمطاولة ان يقوى أبي وأضعف أنا، وقتله، وسار ليكبس العسكر ليلا. فلما وصل اليهم وقع الصوت، فركب فخر الملك في العساكر، وجعل عند أثقالهم من يحميها، وتقدم الى قتال هلال، فلما رأى هلال صعوبة للأمر ندم، وعلم أن أبا عيسى بن شاذي نصحه، فندم على قتله، ثم أرسل الى فخر الملك يقول له: إنّني ما جئت لقتال وحرب، إنما جئت لأكون قريبا منك، وأنزل على حكمك، فتردّ العسكر عن الحرب، فإنّني أدخل في الطاعة.
فمال فخر الملك الى هذا القول، وأرسل الرسول الى بدر ليخبره بما جاء به. فلما رأى بدر الرسول سبّه وطرده، وأرسل الى فخر الملك يقول له: إنّ هذا مكر من هلال، لما رأى ضعفه، والرأي ان لا تنفّس خناقه. فلما سمع فخر الملك الجواب قويت نفسه، وكان يتّهم بدرا بالميل الى ابنه، وتقدّم الى الجيش بالحرب، فقاتلوا فلم يكن بأسرع من أن أتي بهلال أسيرا، فقبّل الأرض، وطلب ان لا يسلّمه إلى أبيه، فأجابه الى ذلك، وطلب علامته بتسليم القلعة، فأعطاهم العلامة، فامتنعت أمّه ومن بالقلعة من التسليم، وطلبوا الأمان، فأمّنهم فخر الملك، وصعد القلعة ومعه أصحابه، ثم نزل منها وسلّمها الى بدر، وأخذ ما فيها من الأموال وغيرها» .

<<  <  ج: ص:  >  >>