للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابنه القائم بأمر الله أبا جعفر عبد الله بعد أبيه ولقّبه القائم، وبعث القاضي أبا الحسن الماورديّ إلى أبي كاليجار في الطاعة، فبايع وخطب له في بلاده وأرسل إليه بهدايا جليلة وأموال، ووقعت الفتنة ببغداد في تلك الأيام بين السنّة والشيعة، ونهب دور اليهود وأحرقت من بغداد أسواق، وقتل بعض جباة المكس، وثار العيّارون. ثم همّ الجند بالوثوب على جلال الدولة وقطع خطبته، ففرّق فيهم الأموال فسكتوا، ثم عاودوا، فلزم جلال الدولة الأصاغر فشكا من قوّاده الأكابر وهما بارسطعان وبلدوك [١] ، وأنهما استأثرا بالأموال فاستوحشا لذلك، وطالبهما الغلمان بعلوفتهم وجراياتهم فسارا إلى المدائن، وندم الأتراك على ذلك. وبعث جلال الدولة مؤيّد الملك الرجحي [٢] فاسترضاهما ورجعا. وزاد شغب الجند عليه ونهبوا دوابه وفرشه، وركب إلى دار الخليفة متغضبا من ذلك وهو سكران، فلاطفه وردّه الى بيته. ثم زاد شغبهم وطالبوه في الدواب لركوبهم فضجر وأطلق ما كان في إسطبله من الدواب، وكانت خمس عشرة وتركها عائرة، وصرف حواشيه وأتباعه لانقطاع خزائنه فعوتب بتلك الفتنة، وعزل وزيره عميد الملك، ووزر بعده أبو الفتح محمد بن الفضل أياما ولم يستقم أمره فعزله، ووزر بعده أبو إسحاق إبراهيم بن أبي الحسين السهيليّ وزير مأمون صاحب خوارزم وهرب لخمسة وعشرين يوما.

وثوب الأتراك ببغداد بجلال الدولة بدعوة أبي كاليجار ثم رجوعهم الى جلال الدولة

ثم تجدّدت الفتنة بين الأتراك وجلال الدولة سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة في ربيع الأوّل فأغلق بابه، ونهب الأتراك داره وسلبوا الكتّاب وأصحاب الدواوين، وهرب الوزير أبو إسحاق السهيليّ [٣] إلى حيّ غريب بن محمد بن معن. وخرج جلال الدولة إلى عكبرا وخطبوا لأبي كاليجار واستدعوه من الأهواز فمنعه العادل بن ماقته [٤] إلى أن يحضره بين قوّادهم فعادوا إلى جلال الدولة وتطارحوا عليه، فعاد


[١] بارسطغان ويلدرك: ابن الأثير ج ٩ ص ٤٢٠
[٢] الرخجيّ وقد مرّ معنا من قبل
[٣] ابو إسحاق السهلي: ابن الأثير ج ٩ ص ٤٢١
[٤] العادل بن مافنّة: المرجع السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>