للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له وهرب لشهرين فحمل إلى دار الخلافة مكشوف الرأس، وأعيد أبو سعد إلى الوزارة، وعظم فساد العيّارين ببغداد وعجز عنهم النوّاب، فولّى جلال الدولة البساسيري من قوّاد الديلم حماية الجانب الغربي ببغداد فحسن فيه غناؤه، وانحل أمر الخلافة والسلطنة ببغداد حتى أغار الأكراد والجند على بستان الخليفة، ونهبوا ثمرته وطلب أولئك الجند جلال الدولة فعجز عن الانتصاف منهم أو إسلامهم للخليفة، فتقدّم الخليفة الى القضاة والشهود والفقهاء بتعطيل رسومهم فوجم جلال الدولة، وحمل أولئك الجند بعد غيبتهم أياما إلى دار الخليفة فاعترضهم أصحابهم وأطلقوهم، وعجز النوّاب عن إقامة الأحكام في العيّارين ببغداد، وانتشر العرب في ضواحي بغداد وعاثوا فيها حتى سلبوا النساء في المقابر عند جامع المنصور، وشغب الجند سنة سبع وعشرين وأربعمائة بجلال الدولة فخرج متنكرا في سيما بدويّ إلى دار المرتضى بالكرخ، ولحق منها برافع بن الحسين بن معن [١] بتكريت، ونهب الأتراك داره وخرّبوها. ثم أصلح القائم أمر الجند وأعاده.

[(فتنة بادسطفان ومقتله)]

قد قدّمنا ذكر بادسطفان [٢] هذا وأنه من أكابر قوّاد الديلم ويلقّب حاجب الحجّاب، وكان جلال الدولة ينسبه لفساد الأتراك والأتراك ينسبونه إلى إحجاز الأموال فاستوحش واستجار بالخليفة منتصف سبع وعشرين وأربعمائة فأجاره وكان يراسل أبا كاليجار ويستدعيه، فبعث أبو كاليجار عسكرا إلى واسط وثار معهم العسكر الذين بها وأخرجوا العزيز بن جلال الدولة إلى بغداد، وكشف بادسطفان القناع في الدعاء لأبي كاليجار وحمل الخطباء على الخطبة لامتناع الخليفة منها.

وجرت بينه وبين جلال الدولة حرب. وسار إلى الأنبار وفارقه قرواش إلى الموصل، وقبض بادسطفان على ابن فسانجس، فعاد منصور بن الحسين إلى بلده. ثم جاء الخبر بأنّ أبا كاليجار سار إلى فارس فانتقض عن بادسطفان الديلم الذين كانوا معه،


[١] الحسين بن مقن: ابن الأثير ج ٩ ص ٤٤٦
[٢] بارسطغان. وقد مرّ معنا من قبل في هذا الكتاب بارسطعان.

<<  <  ج: ص:  >  >>