للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأموال والذخائر فسارت إليه العساكر من الريّ مع المرزبان خال مجد الدولة فهزموه وأسروه، وأظهروا دعوة شمس المعالي بالجيل لأنّ المرزبان كان مستوحشا من مجد الدولة، فانضافت مملكة الجيل جميعا الى مملكة جرجان وطبرستان، وولّى عليها قابوس ابنه منوجهر ففتح الريّ وآيات وشالوش [١] وقارن ذلك استيلاء محمود بن سبكتكين على خراسان، فراسله قابوس وهاداه وصالحه على سائر أعماله.

[(مقتل قابوس وولاية ابنه منوجهر)]

كان شمس المعالي قابوس قد استفحل ملكه، وكان شديد السطوة مرهف. الحدّ فعظمت هيبته على أصحابه وتزايدت حتى انقلبت إلى العتوّ، فأجمعوا على خلعه، وكان ببعض القلاع فساروا إليه ليمسكوه بها فامتنع عليهم فانتهبوا موجودة، ورجعوا إلى جرجان وجاهروا بالخلعان، واستدعوا ابنه من طبرستان فأسرع إليهم مخافة أن يولّوا غيره، واتفقوا على طاعته بأن يخلع أباه فأجاب إلى ذلك كرها. وسار قابوس من حصنه إلى بسطام يقيم بها حتى تضمحل الفتنة فساروا إليه، وأكرهوا منوجهر على المسير معهم وينفرد هو للعبادة بقلعة ابخيا [٢] وأذن له أبوه بالقيام بالملك حذرا من خروجه عنهم، وبقي المتولّون لكبر تلك الفتنة من الجند مرتابين من قابوس، وكتبوا من جرجان إلى منوجهر يستأذنونه في قتله، ولم ينتظروا ردّ الجواب وساروا إليه فدخلوا عليه البيت وجرّدوه من ثيابه، فما زال يستغيث حتى مات من شدّة البرد، وذلك سنة ثلاث وأربعمائة لخمس عشرة سنة من استيلائه، وقام بالملك ابنه منوجهر


[١] الرّويان وسالوس: ابن الأثير ج ٩ ص ١٤١
[٢] هكذا بالأصل والمعنى مبتور وغير واضح ولعله سقطت بعض العبارات أثناء النسخ وفي الكامل ج ٩ ص ٢٣٩: «فأخذوا منوجهر معهم، عازمين على قصد والده وإزعاجه من مكانه، فسار معهم مضطرا، فلما وصل إلى أبيه أذن له وحده دون غيره، فدخل عليه وعنده جمع من أصحابه المحامين عنه، فلما دخل عليه تشاكيا ما هما فيه، وعرض عليه منوجهر ان يكون بين يديه في قتال أولئك القوم ودفعهم وإن ذهبت نفسه. فرأى شمس المعالي ضد ذلك، وسهل عليه حيث صار الملك إلى ولده، فسلّم إليه خاتم الملك، ووصّاه بما يفعله، واتفقا على ان ينتقل هو الى قلعة جناشك يتفرغ للعبادة الى ان يأتيه اليقين وينفرد منوجهر بتدبير الملك.»

<<  <  ج: ص:  >  >>