للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبذل المعروف وأجار الخائف، فقصده الناس وأصبحت البطيحة معقلا. واتخذها الأكابر وطنا، وبنوا فيها الدور والقصور. وكاتب ملوك الأطراف وصاهره بهاء الدولة بابنته، وعظم شأنه واستجار به القادر عند ما خاف من الطائع، وهرب إليه فأجاره، ولم يزل عنده بالبطيحة ثلاث سنين إلى أن استدعي منها للخلافة سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة.

[(بعث ابن واصل على البطيحة وعزل مهذب الدولة)]

كان من خبر أبي العبّاس بن واصل هذا أنه كان ينوب عن رزبوك الحاجب، وارتفع معه ثم استوحش منه ففارقه وسار إلى شيراز، واتصل بخدمة فولاد وتقدّم عنده. ثم قبض على فولاد فعاد إلى الأهواز. ثم أصعد إلى بغداد، ثم خرج منها وخدم أبا محمد ابن مكرم، ثم انتقل إلى خدمة مهذّب الدولة بالبطيحة وتقدّم عنده. ولمّا استولى السكرستان [١] على البصرة بعثه مهذّب الدولة في العساكر لحربه فقتله وغلبه، ومضى إلى شيراز فأخذ سفن محمد بن مكرّم وأمواله، ورجع إلى أسافل دجلة فتغلّب عليها، وخلع طاعة مهذّب الدولة، فأرسل إليه مائة سميرية مشحونة بالمقاتلة فغرق بعضها وأخذ ابن واصل الباقي وعاد إلى الأبلة فبعث إليه أبا سعيد بن ماكولا فهزمه ثانية، واستولى على ما معه وأصعد إلى البطيحة وخرج مهذّب الدولة إلى شجاع بن مروان وابنه صدقة فغدروا به، وأخذوا أمواله، ولحق بواسط، واستولى ابن واصل على البطيحة وعلى أموال مهذّب الدولة، وجمع ما كان لزوج له ابنة بهاء الدولة.

وبعث به إلى أبيها وكانت قد لحقت ببغداد. ثم اضطرب عليه أهل البطائح وبعث سبعمائة فارس إلى البلاد المجاورة فقاتلهم أهلها وظفروا بهم، وخشي ابن واصل على نفسه فعاد إلى البصرة وترك البطائح فوضى، ونزل البصرة في قوّة واستفحال. وخشي أهل النواحي عاديته فسار بهاء الدولة من فارس إلى الأهواز ليتلافى أمره، واستدعى عميد الجيوش من بغداد وسيّره في العساكر إليه فجاء إلى واسط، واستكثر من السفن


[١] لشكرستان: ابن الأثير ج ٩ ص ١٨٠

<<  <  ج: ص:  >  >>