للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقصى الشمال والمغرب ثم توفي معين الدين أنز مدبر دولة أرتق والمتغلب عليه سنة أربع وأربعين لسنة من حصار ملك الألمان والله أعلم.

[استيلاء نور الدين محمود العادل على دمشق وانقراض دولة بني تتش من الشام]

كان سيف الدين غازي بن زنكي صاحب الموصل قد توفي سنة أربع وأربعين وملك أخوه قطب الدين وانفرد أخوه الآخر نور الدين محمود بحلب وما يليها وتجرّد لطلب دمشق ولجهاد الإفرنج واتفق أنّ الإفرنج سنة ثمان وأربعين ملكوا عسقلان من يد خلفاء العلوية لضعفهم كما مرّ في أخبار دولتهم ولم يجد نور الدين سبيلا إلى ارتجاعها منهم لاعتراض دمشق بينه وبينهم ثم طمعوا في ملك دمشق بعد عسقلان وكان أهل دمشق يؤدّون إليهم الضريبة فيدخلون لقبضها ويتحكمون فيهم ويطلقون من أسرى الإفرنج الذين بها كل من أراد الرجوع إلى أهله فخشي نور الدين عليها من الافرنج ورأى أنه أن قصدها استنصر صاحبها عليه بالإفرنج فراسل صاحبها مجير الدين واستماله بالهدايا حتى وثق به فكان يغريه بأمرائه الذين يجد بهم القوّة على المدافعة واحدا واحدا ويقول له أنّ فلانا كاتبني بتسليم دمشق فيقتله مجير الدين حتى كان آخرهم عطاء بن حافظ السلمي الخادم وكان شديدا في مدافعة نور الدين فأرسل إلى مجير الدين بمثلها فيه فقبض عليه وقتله فسار حينئذ نور الدين الى دمشق بعد أن كاتب الأحداث الذين بها واستمالهم فوعدوه وأرسل مجير الدين الى الإفرنج يستنجده من نور الدين على أن يعطيهم بعلبكّ فأجابوه وشرعوا في الحشد وسبقهم نور الدين الى دمشق فثار الأحداث الذين كاتبهم وفتحوا له الباب الشرقي فدخل منه وملكها واعتصم مجير الدين بالقلعة فراسله في النزول عنها وعوّضه مدينة حمص فسار إليها ثم عوّضه عن حمص بالس فلم يرضها وسار إلى بغداد واختط بها دارا قرب النظامية وتوفي بها واستولى نور الدين على دمشق وأعمالها واستضافها إلى ملكه فجلب وانقرض ملك بني تتش من الشام والبلاد الفارسية أجمع والبقاء للَّه وحده والله مالك الملك لا رب غيره سبحانه وتعالى

.

<<  <  ج: ص:  >  >>