للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ماردين عند المغنى فبقي محبوسا مدّة طويلة وكثر ضرر الأكراد فبعث ياقوتي الى المغنى صاحب الحصن في أن يطلقه ويقيم عنده بالربض لدفاع الأكراد ففعل وصار يغير عليهم في سائر النواحي الى خلاط وصار بعض أجناد القلعة يخرجون للاغارة معه فلا يهيجهم ثم حدّثته نفسه بالتوثب على القلعة فقبض عليهم بعض الأيام مرجعه من الاغارة ودنا من القلعة وعرضهم على القتل ان لم يفتحوا له ففتحها أهلوهم وملكها وجمع الجموع وسار الى نصيبين [١] وأغار على جزيرة ابن عمر وهي لجكرمس فكبسه جكرمس وأصحابه في الحرب بينهم فقتله وبكاه جكرمس وكان تحت ياقوتي ابنة عمه سقمان فمضت الى أبيها وجمعت التركمان وجاء سقمان بهم الى نصيبين فترك طلب الثار فبعث اليه جكرمس ما أرضاه من المال في ديته ورجع وقدم بماردين بعد ياقوتي أخوه على بطاعة جكرمس وخرج منها لبعض المذاهب وكتب نائبة بها الى عمه سقمان بأنه يملك ماردين لجكرمس فسار اليها سقمان وعوض عليا ابن أخته جبل جور وأقامت ماردين في ملكه مع حصن كيفا واستضاف اليهما نصيبين والله أعلم.

[وفاة سقمان بن ارتق وولاية أخيه أبي الغازي مكانه بماردين]

ثم بعث فخر الدين بن عمار صاحب طرابلس يستنجد سقمان بن ارتق على الافرنج وكان استبدّ بها على الخلفاء العلويين أهل مصر ونازلة الافرنج عند ما ملكوا سواحل الشام فبعث بالصريخ الى سقمان بن ارتق سنة ثمان وتسعين وأجابه وبينما هو يتجهز للمسير وافاه كتاب طغركين صاحب دمشق المستبدّ بها من موالي بني تتش يستدعيه لحضور وفاته خوفا على دمشق من الافرنج فأسرع المسير اليه معتزما على قصد طرابلس وبعدها دمشق فانتهى الى القريتين [٢] وندم طغركين على استدعائه وجعل يدبر الرأي مع أصحابه في صرفه ومات هو بالقدس فكفاهم الله أمره وقد كان أصحابه عند ما أشفي على الموت أشاروا عليه بالرجوع الى كيفا فامتنع وقال هذا جهاد وان مت كان لي ثواب شهيد فلما مات حمله ابنه إبراهيم الى


[١] نصيبين: مدينة عامرة من بلاد الجزيرة على جادة القوافل من الموصل الى الشام وفيها وفي قراها على ما يذكر أهلها أربعون ألف بستان (معجم البلدان) .
[٢] القريتين: قرية كبيرة من اعمال حمص في طريق البرية بينها وبين سخنة وأرك وقال ابو حذيفة في فتوح الشام:
وسار خالد بن الوليد من تدمر الى القريتين وهي التي تدعى حوّارين. (معجم البلدان)

<<  <  ج: ص:  >  >>