للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأقطعه ببلاد الشام وكان يسير في خدمته ويشهد حروبه مع الإفرنج أهل ملته وكان الأرمني أيضا يستظهر به على أعدائه وكانت أذنة والمصيصة وطرسوس مجاورة لابن ليون وهي بيد ملك الروم صاحب القسطنطينية فتغلب عليها ابن ليون وملكها وبعث صاحب القسطنطينية منتصف سنة ثمان وستين وخمسمائة جيشا كثيفا مع عظيم من بطارقته فلقيه ابن ليون بعد أن استنجد نور الدين فأنجده بالعساكر وقاتلهم فهزمهم وبعث بغنائمهم وأسراهم إلى نور الدين وقويت شوكة ابن ليون ويئس الروم من تلك البلاد والله تعالى أعلم.

[مسير نور الدين إلى بلاد الروم]

كان ذو النون بن محمد بن الدانشمند صاحب ملطية وسيواس وأخصرى وقيسارية ملكها بعد عمه باغي أرسلان وأخيه إبراهيم بن محمد فلم يزل قليج أرسلان بن محمد بن قليج أرسلان يتخيف بلاده إلى أن استولى عليها ولحق ذو النون بنور الدين صريخا وأرسل إلى قليج أرسلان بالشفاعة في ردّ بلاده فلم يشفعه فسار إليه وملك من بلاده بكسور ومهنسا ومرعش ومرزبان وما بينهما في ذي القعدة سنة ثمان وستين ثم بعث عسكرا إلى سيواس فملكوها ثم أرسل قليج أرسلان إلى نور الدين يستعطفه وقد كان يجيز أمامه إلى قاصية بلاده فأجابه نور الدين إلى الصلح على أن ينجده بعسكر الافرنج ويبقى سيواس بيد ذي النون وعسكر نور الدين الّذي معه فيها ورجع نور الدين إلى بلاده وبقيت سيواس بيد ذي النون حتى مات نور الدين وعاد قليج أرسلان ثم وصل رسول نور الدين من بغداد كمال الدين أبو الفضل محمد بن عبد الله الشهرزوريّ ومعه منشور من الخليفة المستضيء لنور الدين بالموصل والجزيرة وأربل وخلاط والشام وبلاد الروم وديار مصر والله سبحانه وتعالى أعلم.

[مسير صلاح الدين إلى الكرك ورجوعه]

ولما كانت الوحشة بين نور الدين وصلاح الدين كما قدّمناه واعتزم نور الدين على عزله عن مصر واستعطفه صلاح الدين كان فيما تقرّر بينهما أنهما يجتمعان على الكرك وأيهما سبق انتظر صاحبه فسار صلاح الدين من مصر في شوال سنة ثمان وستين وسبق إلى الكرك وحاصره وخرج نور الدين بعد أن بلغه مسير صلاح الدين من مصر وأزاح علل العساكر وانتهى إلى الرقيم على مرحلتين من الكرك فخافه صلاح الدين على نفسه وخشي أن يعزله عند لقائه

<<  <  ج: ص:  >  >>