للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منع الأخبار عنه واستنفر نور الدين ملوك الجزيرة وديار بكر وقصر حارم وسار الإفرنج لمدافعته فهزمهم وأثخن فيهم وأسر صاحب أنطاكية وطرابلس وفتح حارم قريبا من حلب ثم سار إلى بانياس قريبا من دمشق ففتحها كما مرّ في أخبار نور الدين وبلغ الخبر بذلك إلى الإفرنج وهم محاصرون أسد الدين في بلبيس ففت في عزائمهم وطووا الخبر عنه وراسلوه في الصلح على أن يعود إلى الشام فصالحهم وعاد إلى الشام في ذي الحجة من السنة والله تعالى أعلم.

[مسير أسد الدين ثانيا إلى مصر وملكه لإسكندرية ثم صلحه عليها وعوده]

ولما رجع أسد الدين إلى الشام لم يزل في نفسه مما كان من غدر شاور وبقي يشحن لغزوهم إلى سنة اثنتين وستين فجمع العساكر وبعث معه نور الدين جماعة من الأمراء واكثف له العسكر خوفا على حامية الإسلام وسار أسد الدين إلى مصر وانتهى إلى أطفيح وعبر منها إلى العدوة الغربية ونزل الجيزة وأقام نحوا من خمسين يوما وبعث شاور إلى الإفرنج يستمدّهم على العادة وعلى مالهم من التخوّف من استفحال ملك نور الدين وشيركوه فسارعوا إلى مصر وعبروا مع عساكرها إلى الجيزة وقد ارتحل عنها أسد الدين إلى الصعيد وانتهى منها إلى [١] وأتبعوه وأدركوه بها منتصف اثنتين وستين ولما رأى كثرة عددهم واستعدادهم مع تخاذل أصحابه فاستشارهم فأشار بعضهم بعبور النيل إلى العدوة الشرقية والعود إلى الشام وأبى زعماؤهم إلا الاستماتة سيما مع خشية العتب من نور الدين وتقدّم صلاح الدين بذلك وأدركهم القوم على تعبية وجعل صلاح الدين في القلب وأوصاه أن يندفع أمامهم ووقف هو في الميمنة مع من وثق باستماتته وحمل القوم على صلاح الدين فسار بين أيديهم على تعبيته وخالفهم أسد الدين إلى مخلفهم فوضع السيف فيهم وأثخن قتلا وأسرا ورجعوا عن صلاح الدين يظنون أنهم ساروا منهزمين فوجدوا أسد الدين قد استولى على مخلفهم واستباحة فانهزموا إلى مصر وسار أسد الدين إلى الإسكندرية فتلقاه أهلها بالطاعة واستخلف بها صلاح الدين ابن أخيه وعاد إلى الصعيد فاستولى عليه وفرّق العمال على جباية أمواله ووصلت عساكر مصر والإفرنج إلى القاهرة وأزاحوا عللهم وساروا إلى الإسكندرية فحاصروا


[١] بياض بالأصل: وفي الكامل ج ١١ ص ٣٤٥: وكان أسد الدين وعساكره قد ساروا إلى الصعيد فبلغ مكانا يعرف بالبابين.

<<  <  ج: ص:  >  >>