للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحوراء وكانوا عازمين على طروق الحرمين واليمن والاغارة على الحاج فلما أطلّ عليهم لؤلؤ بالأسطول أيقنوا بالتغلب وتراموا على الحوراء وأسنموا اليها واعتصموا بشعابها ونزل لؤلؤ من مراكبه وجمع خيل الأعراب هنالك وقاتلهم فظفر بهم وقتل أكثرهم وأسر الباقين فأرسل بعضهم الى منى فقتلوا بها أيام النحر وعاد بالباقين الى مصر والله تعالى يؤيد بنصره من يشاء.

[وفاة فرخ شاه]

ثم توفي عز الدين فرخ شاه بن شاهنشاه أخو صلاح الدين النائب عنه بدمشق وكان خليفته في أهله ووثوقه به أكثر من جميع أصحابه وخرج من دمشق غازيا الافرنج وطرقه المرض وعاد فتوفي في جمادى سنة ثمان وسبعين وبلغ خبره صلاح الدين وقد عبر الفرات الى الجزيرة والموصل فأعاد شمس الدين محمد ابن المقدم الى دمشق وجعله نائبا فيها واستمرّ لشأنه والله تعالى يورث الملك لمن يشاء من عباده.

[استيلاء صلاح الدين على آمد وتسليمها لصاحب كيفا]

قد تقدّم لنا مسير صلاح الدين الى ماردين وإقامته عليها أياما [١] من نواحيها ثم ارتحل عنها الى آمد كما كان العهد بينه وبين نور الدين صاحب كيفا فنازلها منتصف ذي الحجة وبها بهاء الدين بن بيسان فحاصرها وكانت غاية في المنعة وأساء ابن بيسان التدبير وقبض يده عن العطاء وكان أهلها قد ضجروا منه لسوء سيرته وتضييقه عليهم في مكابسهم وكتب اليهم صلاح الدين بالترغيب والترهيب فتخاذلوا عن ابن بيسان وتركوا القتال معه ونقب السور من خارج بيت ابن بيسان وأخرج نساءه مع القاضي الفاضل يستميل اليه صلاح الدين ويؤجله ثلاثة أيام للرّحلة فأجابه صلاح الدين وملك البلد في عاشوراء سنة تسع وسبعين وبنى خيمة بظاهر البلد ينقل اليها ذخيرته فلم يلتفت الناس اليه وتعذر عليه أمره فبعث الى صلاح الدين يسأله الاعانة فأمر له بالدواب والرجال فنقل في الأيام الثلاثة كثيرا من موجودة ومنع بعد انقضاء الأجل عن نقل ما بقي ولما ملكها صلاح الدين سلمها لنور الدين صاحب كيفا وأخبر صلاح الدين بما فيها من الذخائر لينقلها النفسه فأبى وقال ما


[١] بياض بالأصل، وفي الكامل ج ١١ ص ٤٩٣: قد ذكرنا نزول صلاح الدين بجوزم تحت ماردين، فلم ير لطمعه وجها، وسار عنها الى آمد عن طريق البارعية.

<<  <  ج: ص:  >  >>