للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اقطعه حماة ومنبج والمعرّة وكفر طاب وجبل جوز وسائر أعمالها وقيل ان تقيّ الدين لما أرجف بمرض صلاح الدين وموته تحرّك في طلب الأمر لنفسه وبلغ ذلك صلاح الدين فأرسل الفقيه عيسى الهكاري وكان مطاعا فيهم وأمره بإخراج تقيّ الدين من مصر والمقام بها فسار ودخلها على حين غفلة وأمر تقيّ الدين بالخروج فأقام خارج البلد وتجهز للمغرب فراسله صلاح الدين الى آخر الخبر والله تعالى أعلم.

[اتفاق القمص صاحب طرابلس مع صلاح الدين ومنابذة البرنس صاحب الكرك له وحصاره إياه والاغارة على عكا]

كان القمص صاحب طرابلس وهو ريمند بن ريمند بن صنجيل تزوّج بالقومصة صاحبة طبرية وانتقل اليها فأقام عندها ومات ملك الافرنج بالشام وكان مجذوما كما مرّ وأوصى بالملك لابن أخيه صغيرا فكفله هذا القمص وقام بتدبيره لملكه لعظمه فيهم وطمع أن تكون كفالته ذريعة الى الملك ثم مات الصغير فانتقل الملك الى أبيه ويئس القمص عندها مما كان يحدّث به نفسه ثم أنّ الملكة تزوّجت ابن غتم من الافرنج القادمين من المغرب وتوّجته وأحضرت البطرك والقسوس والرهبان والاستبارية والدواوية واليارونة وأشهدتهم خروجها له عن الملك ثم طولب القمص بالجباية أيام كفالته الصبيّ فأنف وغضب وجاهر بالشقاق لهم وراسل صلاح الدين وسار الى ولايته وخلف له على مصره من أهل ملته وأطلق له صلاح الدين جماعة من زعماء النصارى كانوا أسارى عنده فازداد غبطة بمظاهرته وكان ذلك ذريعة لفتح بلادهم وارتجاع القدس منهم وبث صلاح الدين السرايا من ناحية طبرية في سائر بلاد الافرنج فاكتسحوها وعادوا غانمين وذلك كله سنة اثنتين وثمانين وكان البرنس ارناط صاحب الكرك من أعظم الافرنج مكرا وأشدّهم ضررا وكان صلاح الدين قد سلط الغارة والحصار على بلده حتى سأل في الصلح فصالحه فصلحت السابلة بين الآمّين ثم مرّت في هذه السنة قافلة كثيرة التجار والجند فغدر بهم وأسر وأخذ ما معهم وبعث إليه صلاح الدين فأصرّ على غدرته فنذر أنه يقتله ان ظفر به واستنفر الناس للجهاد من سائر الأعمال من الموصل والجزيرة واربل ومصر والشام وخرج من دمشق في محرّم سنة ثلاث وثمانين وانتهى الى رأس الماء وبلغه أنّ البرنس ارناط صاحب الكرك يريد أن يتعرض للحاج من الشام وكان معهم ابن أخيه محمد بن لاجين وغيره فترك من العساكر مع ابنه الأفضل عليّ وسار الى بصرى

<<  <  ج: ص:  >  >>