للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[نكبة الناصري واعتقاله]

كان هذا الناصري من مماليك بيبقا وأرباب الوظائف في أيامه وكان له مع السلطان الظاهر ذمة وداد وخلة من لدن المربى والعشرة فقد كانوا أترابا بها وكانت لهم دالة عليه لعلوّ سنه وقد ذكرنا كيف استبدّوا بعد ايبك ونصبوا الناصري أتابكا ولم يحسن القيام عليها وجاء طشتمر بعد ذلك فكان معه حتى في النكبة والمحبس ثم أشخص إلى الشام وولى على طرابلس ثم كانت ثورة انيال ونكبته في جمادى سنة احدى وثمانين فاستقدمهم من طرابلس وولى أمير سلاح مكان انيال واستخلصه الأمير بركة وخلطه بنفسه وكانت نكبته فحبس معه ثم أشخص إلى الشام وكان انيال قد أطلق من اعتقاله وولى على حلب سنة اثنتين وثمانين مكان منكلي بقري الاحمدي فأقام بها سنة أو ونحوها ثم نمي عنه خبر الانتقاض فقبض عليه وحبس بالكرك وولى مكانه على حلب بيبقا الناصري في شوّال سنة ثلاث وثمانين وقعد الظاهر على التخت لسنة بعدها واستبدّ بملك مصر وكان الناصري لما عنده من الدالة يتوقف في إنفاذ أوامره لما يراه من المصالح بزعمه والسلطان ينكر ذلك ويحقده عليه وكان له مع الطنبقا الجوباني أمير مجلس أحد أركان الدولة حلف لم يغن عنه وأمر السلطان بالقبض على سولي بن بلقادر حين وفد عليه بحلب فأبي من ذلك صونا لوفائه بزعمه ودس بذلك إلى سولي فهرب ونجا من النكبة ووفد على السلطان سنة خمس وثمانين وجدّد حلفه مع الجوباني ومع أشمس الأتابك ورجع إلى حلب ثم خرج بالعساكر إلى التركمان آخر سنة خمس وثمانين دون إذن السلطان فانهزم وفسدت العساكر ونجا بعد ثالثة جريحا وأحقد عليه السلطان هذه كلها ثم استقدمه سنة سبع وثمانين فلما انتهى إلى سرياقوس تلقاه بها أستاذ دار فتقبض عليه وطير به إلى الإسكندرية فحبس بها مدة عامين وولى مكانه بحلب الحاجب سودون المظفر وكان عيبة نصح للسلطان وعينا على الناصري فيما يأتيه ويذره لانه من وظائف الحاجب للسلطان في دولة الترك خطة البريد المعروفة في الدول القديمة فهو بطانة السلطان بما يحدث في عمله ويعترض شجا في صدر من يروم الانتقاض من ولاته وكان هذا الحاجب سودون هو الّذي ينمي أخباره إلى السلطان ويطلعه على مكامن مكره فلما حبس الناصري بالإسكندرية ولاه مكانه بحلب وارتاب الجوباني من نكبة الناصري لما كان بينهما من الوصلة والحلف فوجم واضطرب وتبين السلطان منه النكر فنكبه كما نذكره بعد إن شاء الله تعالى وأقصاه والله أعلم

.

<<  <  ج: ص:  >  >>