للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[خروج السلطان من الكرك وظفره بعساكر الشام وحصاره دمشق]

ولما بلغ الخبر الى السلطان الظاهر بالكرك بأنّ منطاش استقلّ بالدولة وحبس البيبقاوية جميعا وأذال منهم بأصحابه أهمته نفسه وخشي غائلته ولم يكن عند منطاش لأول استقلاله أهمّ من شأنه وشأن السلطان فكتب الى حسن الكشكي نائب الكرم بقتله وقد كان الناصري أوصاه في وصيته حين وكله به أن لا يمكنه ممن يرومه بسوء فتجافى عن ذلك واستدعى البريدي وفاوض أصحابه وقاضي البلد وكاتب السر فأشاروا بالتحرّز من دمه جهد الطاقة فكتب الى منطاش معتذرا بالخطر الّذي في ارتكابه دون اذن السلطان والخليفة فأعاد عليه الكتاب مع كتاب السلطان والخليفة بالاذن فيه واستحثه في الاجهاز عليه فأنزل البريدي وعلله بالوعد وطاوله يرجو المخلص من ذلك وكانوا يطوون الأمر عن السلطان شفقة وإجلالا فشعر بذلك وأخلص اللجأ الى الله والتوسل بإبراهيم الخليل لأنه كان يراقب مدفنه من شباك في بيته وانطلق غلمانه في المدينة حتى ظفروا برجال داخلوهم في حسن الدفاع عن السلطان وأفاضوا فيهم فأجابوا وصدقوا ما عاهدوا عليه واتعدوا لقتال البريدي وكان منزله بإزاء السلطان فتوافوا ببابه ليلة العاشر من رمضان وهجموا عليه فقتلوه ودخلوا برأسه الى السلطان وشفار سيوفهم دامية وكان النائب حسن الكشكي يفطر على سماط السلطان تأنيسا لهم فلما رآهم دهش وهموا بقتله فأجاره السلطان وملك السلطان أمره بالقلعة وبايعه النائب وصدع اليه أهل المدينة من الغد فبايعوه ووفد عليه عرب الضاحية من بني عقبة وغيرهم فأعطوه طاعتهم وفشا الخبر في النواحي فتساقط اليه مماليكه من كلّ جهة وبلغت أخباره الى منطاش فأوعز الى ابن باكيش نائب غزة أن يسير في العساكر الى الكرك وتردّد السلطان بين لقائه أو النهوض الى الشام ثم أجمع المسير الى دمشق فبرز من الكرك منتصف شوّال فعسكر بالقبة وجمع جموعه من العرب وسار في ألف أو يزيدون من العرب والترك وطوى المراحل الى الشام وسرّح جنتمر نائب دمشق العساكر لدفاعه فيهم أمراء الشام وأولاد بندمر فالتقوا بشقحب وكانت بينهم واقعة عظيمة أجلت عن هزيمة أهل دمشق وقتل الكثير منهم وظفر السلطان بهم واتبعهم الى دمشق ونجا الكثير منهم الى مصر ثم أحس السلطان بأن ابن باكيش وعساكره في اتباعه فكرّ اليهم وأسرى ليلته وصبحهم على غفلة في عشر ذي القعدة فانهزموا ونهب السلطان وقومه جميع ما معهم وامتلأت أيديهم واستفحل أمره ورجع الى

<<  <  ج: ص:  >  >>